حتى الآن لا يوجد مرشحين لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر .. جميع من أعلنوا رغبتهم في الترشح مازالوا مرشحين محتملين، ولا أتوقع أن جميعهم يستطيعوا إستكمال شروط الترشح خاصة الحصول على تذكية النواب (20 نائباً على الأقل) أو توكيلات الشعب (25 ألف توكيل من 15 محافظة على الأقل بحد أدنى 1000 توكيل من كل محافظة).
لا يوجد من بين هؤلاء من دشن حملة شعبية حقيقية يكون لها أصداء في الشارع .. الأمر مازال في إطار الرغبات الشخصية.
ليس عيباً أن يكون عندك أهداف ومصالح خاصة من ترشحك فهذا أمر تشهده الكثير من الانتخابات حول العالم .. لكن العيب أن تدعي اشياء على غير واقعك .. الكلمات وحدها لن تجعل منك مناضل أو صاحب برنامج ورؤية لرئاسة مصر.
ليس معنى أن بيننا معرفة سابقة، أن تحصل على تأييدي كمرشح رئاسي محتمل، المعرفة جزء من مؤشرات الصداقة أو الزمالة أو متطلبات العمل لكنها ليست كافية لكي أراك تصلح لرئاسة مصر.
عندما تكذب على الناس، وتقدم نفسك بصورة مغايرة لواقعك، مثلاً تكون مؤيد للنظام وتدعي أنك معارض، أو تكون مرشح بصفقة وتدعي أنك رافض للنظام، أو تكون شرس في جلساتك مع الناس في انتقاد «النظام والسيسي» وأنت في الحقيقة لست إلا صائد فرشات غلبان ومسكين ومكشوف .. فهذا لا يعني أنك تلاعبت بعقول الناس، ولا يعني أنك سوف تحصل على تأييدهم، وستفاجئ بأن الناس يمتلكون المكر والدهاء وسوف يكشفونك أنت والجميع في الوقت المناسب.. ويتعاملون معكم بمنطق: «اعمل عبيط وأنت فاهم الفولة واللي فيها».
على كل حال لا يوجد سياسي فاهم، ولا ناخب عاقل، يعلن من الآن اسم مرشحه للإنتخابات الرئاسية القادمة، المواقف الواضحة سوف تُحدد بعد غلق باب الترشح، ومعرفة القائمة النهائية للمرشحين.
لا تنتصر حملة انتخابية مبنيه على الطعن في المنافسين فقط، ولن يثق الناس في من يقدم وعود صعبة التحقيق، ولن يذهب الناس إلى صندوق الإقتراع إلا إذا شعروا بأن تأثير الإنتخابات سيكون إيجابياً على حياتهم، وهذا يتوقف على أسماء المرشحين، وأيضاً قدرة الداعمين على إقناع الناس بالنزول والمشاركة.. معادلة شديدة التعقيد…
هناك مرشح نازل انتخابات رئاسة الجمهورية عشان يوسع السكة للرئيس القادم ويطعن في كل منافسيه ويشوه سمعتهم، وهناك مرشح نازل عشان يعمل صفقة سياسية ومالية مقابل نزوله، وهناك مرشح أعلن ترشحه .. «ادى الواجب اللي عليه وقاعد في البيت بيتفرج على الانتخابات زينا بالضبط» .. في كل الأحوال إذا إستمرت هذه الأسماء المطروحة على الساحة بلا تغيير فإن الرئيس السيسي – اتفقت أو اختلفت معه – إذا خاض الانتخابات – حيث لم يعلن رسمياً ترشحه حتى الآن – سوف يفوز بالانتخابات ويتولى رئاسة الجمهورية المصرية لولاية ثالثة.
البطولات الوهمية لا تصنع مرشح رئاسي.. وتحضير سيرة ذاتية من مشاهد قص ولصق لن تمنحك قبول .. الموضوع لن يكون تكرار لنموذج 2005 المكشوف، والجميع لن يقبلوا تنفيذ سيناريو 2018، هناك إنتظار لانتخابات تكون رصيد مضاف للوطن، وليست إنتخابات تخصم من رصيد مصر وجميع النخب السياسية.
لا يليق أن تكون كومبارس في فيلم معروفة أحداثه ونهايته.. ثم تدعي على معارفك وانصارك أنك صاحب دور البطولة .. الفيلم على الهواء، والسياسة في مصر «اوضه واحدة بعد ما لغوا الصالة» .. وكل اللذين في المشهد معروف أولهم وأخرهم .. عيب كده.
هل كان ايمن نور 2005 أذكى وأكثر قدرة على الحشد والتأثير من أحمد الطنطاوي 2023؟ .. هل نعمان جمعة 2005 أكثر جدية وأوضح أهدافاً ورؤية سياسية عند ترشحه باسم حزب الوفد عن أهداف ورؤية عبدالسند يمامة؟! .. جمعة اتفقت أو اختلفت معه كان يريد صناعة وجود للوفد ونجح في ذلك أما يمامة يؤدي بشكل هزلي وكارثي ومثير للسخرية، كما يتردد في الوسط السياسي وعبر بعض الجماهير أن ترشحه صفقة مقابل مجموعة من الامتيازات للحزب ولشخصه، فهل هذه المعلومات حقيقية أم كاذبة؟! .. الأيام وحدها ستكون كاشفة.
ترشح حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري أحد حلفاء حزبي مستقبل وطن ومصر الحديثة والحاصلين على أغلبية البرلمان أمر مستغرب وغير مستساغ لدى الجماهير، فكيف لحزب مؤيد للرئيس السيسي، يقدم مرشح ضده؟!.. وكيف لشخص عينه الرئيس السيسي عضواً في مجلس الشيوخ ضمن نسبة رئيس الدولة، وتم اختياره رئيساً للجنة العلاقات الخارجية كأحد قيادات النظام، يترشح ضد الرئيس السيسي؟! .. هل ده جحود .. ولا نكران للجميل؟! .. عيب كده.
أحمد الفضالي وفقا لمتابعين قد صمم خطاباً شعبوياً جيداً يركز على احتياجات الجماهير، واللافت أنه يعلي من نبرة انتقاده للنظام السياسي وتدهور الأوضاع، بل وينتقد الرئيس السيسي بشكل واضح ومباشر، وهو ما قد يلقى قبولاً لدى الجماهير التي تعاني أوضاع اقتصادية صعبة، لكن خصومه يحاصرونه بالعديد من الأسئلة منها كيف تحولت من التأييد المطلق للرئيس السيسي والجولات المكوكية لدعمه ومساندته إلى انتقاده بل والرغبة في الترشح ضده؟! لماذا اختفيت 6 سنوات دون أن يكون لك تصريح واحد في الشأن العام بعد منعك من تقديم قوائم حزبك الانتخابية في 2015، باستثناء رفضك الترشح لانتخابات الرئاسة في 2018 عندما طرح أحدهم اسمك لوسائل الإعلام، والآن تعود للظهور مجدداً في عام الإنتخابات الرئاسية؟! هل أنت قادر على جمع 25 ألف توكيل من المحافظات أم تكون التوكيلات عقبه تمنع ترشحك خاصة أن حزبك ليس له نواب في البرلمان؟! كيف ترد على منتقدي ترشحك وأنك حليف للنظام الحالي وليس خصم؟!… الإجابات قد تضيف لرصيد الفضالي وقد تخصم منه.. الأمر يتوقف عليه.
أخيراً .. قد نرى أسماء أخرى تريد خوض سباق الإنتخابات الرئاسية المتوقع أن تتم في ديسمبر القادم .. وقد يحدث جديد في المشهد.. وقد تتعقد الحسابات أو تنكشف الكواليس.. بينما المؤكد أن المصريين مشغولون بأزمتهم الإقتصادية الطاحنة، ويفكرون فقط في طرق تدبير معيشتهم وترتيب مستلزمات حياتهم، أكثر من انشغالهم بالانتخابات الرئاسية ومن سيكون رئيس مصر من 2024 حتى 2030.