كان- الله يرحمه- والدى يلقى على مسامعى مقولة موروثة مؤداها «الفِلاحة مناحة»، ولم يلتفت يومًا إلى أغنية طيب الذكر موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب «محلاها عيشة الفلاح مطَّمِّن قلبه مرتاح..».. الأقرب إلى مزاجه أغنية حسن الأسمر: «كتاب حياتى يا عين..».
وما بين المثل والأغنية يمر عليه عيد الفلاح (٩ سبتمبر من كل عام) مرور الكرام، أصيل الفلاح المصرى يقف شامخًا في حقله، شاكرًا ربه، حاملًا فأسه، مشمرًا عن ساعديه، وقدماه مغروستان في الأرض الطيبة في حبور.
الطهر عنوانه، والشقا نصيبه، يحنو على زرعته كأولاده، قانع بما تغله أرضه، ويأمل في غلة تكفيه سؤال التاجر اللئيم، يترجى ربه، ويُيَمِّم وجهه إلى السماء، والبركة حاضرة بفضل الدعاء.
الفلاح كالجبل صامد في مواجهة غائلة الأسعار، التقاوى والمبيدات والسولار، تضاعفت أسعارها، ولايزال قابضًا على الجمر، ويرجو نظرة حانية في الشمس الحامية، نظرة يا حكومة لدعم الفلاح.
الفلاح يستأهل كل الخير، ودعمه واجب مستوجب، دعم الفلاح عين الاستثمار، الفلاح لا يبخل بالعرق، فقط يحس بالأمان من غدر الزمان، وبالاعتبار ما يُغنيه عن تحكم التجار الفجار في زرعته ولقمته ومعايش ولاده.
الفلاح رمانة الميزان، ومنى عينيه يضاعف الغلة، بدل الإردب اتنين وتلاتة، ولكن اليد قصيرة عن إدراك الأمانى، والعين بصيرة، والفم مرارته علقم، وحلوه شاى مسكر، متى تحلى العيشة كما يغنى عبدالوهاب؟!.
الفلاح هو المواطن الوحيد في مصر الذي لا يعرف الإجازات، (لا عارضة ولا مرضية.. ولا طقس سيئ ولا كورونا ولا حتى تخفيف أحمال).
حتى أيام الفوضى الهدامة، الله لا يعيدها، كان يسمع عنها في الراديو في الغيط مدلى من ديل جمل هاجع، مُنْكَبًّا على أرضه ممسكًا بفأسه، ممتطيًا محراثه.
الفلاح لا يملك رفاهية الوقت، ولا يحرث في الوقت الضائع.. وراه واجب، زرع وحصد، كما في كتاب القراءة الرشيدة.