قال د. رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، إنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن الازمات المالية التي أصابت الاقتصاد العالمي، ابتداءً من أزمة كورونا، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، ثم ممارسات الفيدرالي الأمريكي بشان أسعار الفائدة الأمريكية، كان وقعها شديد ومؤثر على الاقتصاد المصري، من منطلق أن مصر تستورد نحو 60٪ من احتياجاتها سواء من السلع الأساسية والاستراتيجية أو مستلزمات الصناعة أو الأدوية من الخارج ، والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير للغاية، نتيجة تعطل سلاسل التوريد العالمية.
زيادة مُعدلات التضخم بشكل كبير داخل الاقتصاد المصري
وأوضح الخبير الاقتصادي في تصريح خاص لـ”أهل مصر ”، أن ذلك أدى إلى زيادة مُعدلات التضخم بشكل كبير داخل الاقتصاد المصري، نتيجة ارتفاع أسعار السلع المُستوردة المُحملة بمُعدلات التضخم في دولة المنشأ، فضلا عن ارتفاع تكلفة إنتاج السلع المُنتجة محليا، نتيجة زيادة إرتفاع أسعار مُستلزمات الانتاح والخامات المُستوردة، مما أدى في النهاية إلى نشوب أزمة البضائع المُكدسة بالموانئ المصرية والتي كانت قد بلغت 14.5 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
وأوضح أن كل تلك الأحداث، أدت إلي زيادة حجم الاقتراض الخارجي، على الرغم من وجود أزمة حالية، ناتجة عن مطلوبات من النقد الأجنبي لسداد نحو 17 مليار دولار بحلول أغسطس القادم، ونحو 20 مليار دولار خلال العام القادم.
لا يمكن الاستهانة بقدرة الاقتصاد المصري على الخروج من عنق الأزمة
وأضاف أنه في المقابل، لا يمكن الاستهانة بقدرة الاقتصاد المصري على الخروج من عنق الأزمة، والتعافي خلال فترة وجيزة، فعلى الرغم من شدة الازمة المالية وتداعياتها السلبية على الاقتصاد المصري، وبشكل خاص، عبء تدبير موارد مالية بالنقد الأجنبي لسداد أقساط الديون المُستحقة، إلا أنه ينبغي العلم أن الاقتصاد المصري، يعتبر من طائفة الاقتصادات العينية المُتنوعة والقادرة على مواجهة أي صدمات مالية غير متوقعة، مضيفا أن حجم الاقتصاد المصري نحو 400 مليار دولار، ويوجد تدفقات بالنقد الأجنبي تُقدر بنحو 120 مليار دولار سنوياً، مُتمثلة في موارد من قطاع السياحة والصادرات البترولية وغير البترولية وقناة السويس، وبعض الموارد الاخري المتنوعة التي تُدر موارد بالنقد الأجنبي، ولولا شدة الأزمة التي امتدت تداعياتها لكافة الاقتصادات العالمية، لكان سداد 17 مليار دولار أمر يسير جدا.
مصر لم ولن تتأخر عن سداد أي التزامات دولية
وأشار إلى أن ذلك اتضح من خلال تصريح رئيس مجلس الوزراء منذ أيام، أن مصر لم ولن تتأخر عن سداد اي التزامات دولية، وبما يشير إلى أن الدولة المصرية، لديها عقيدة راسخة تنطلق من هذا التوجه الذي تدعمه القيادة السياسية بشكل كبير، وبما يؤكد أن هناك مصادر مُتنوعة كفيلة بسداد أقساط وفوائد الدين الخارجي، خصوصا في ظل انتعاش قطاع السياحة وزيادة حصيلة الصادرات البترولية ونمو ملحوظ في إيرادات قناة السويس، فضلا عن تنفيذ جزء من الطروحات الحكومية خلال الفترة القليلة القادمة، سواء لصناديق خليجية او صناديق دول اجنبية مثل الصين وبعض الدول الاسيوية والاوربية، بالإضافة إلى أن هناك توقعات بإسقاط بعض الديون من قبل بعض الدول الصديقة، ومُبادلة العملات بين مصر وبعضً من الدول التي انضمت لتَجمع بريكس، ومن بينها الصين وروسيا والهند وتركيا، مما سيخفف الضغط على الدولار الأمريكي في عمليات التبادل التجاري بين مصر وتلك الدول.
الاقتصاد المصري ليس هو الوحيد الذي يواجه مشكلة في سداد أقساط
وأكد الجرم أن الاقتصاد المصري، ليس هو الوحيد الذي يواجه مشكلة في شأن سداد أقساط وفوائد الدين العام، فأقوى اقتصاد في العالم، وهو الاقتصاد الأمريكي، ووفق تصريح وزيرة الخزانة الأمريكية (جانيت يلين ) من أن الولايات المتحدة الأمريكية مُهددة بالتخلف عن سداد ديونها اعتباراً من يونيو القادم، وسط خلافات شديدة بين الحمهوريين والديمقراطيين بشأن رفع سقف الاقتراض عن 31.45 تريليون.
كما ينبغي العلم أن ذكر قيمة الدين الخارجي بدون نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي، لا يكون له أي قيمة تُذكر، خصوصا إذا ما علمنا أن نسبة الدين الخارجي الناتج المحلي الإجمالي لمصر لا يتعدى 35٪، بالمقارنة بتجاوز الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي الولايات المتحدة الأمريكية لحاجز 108٪.