طفا على سطح ذاكرتى المتصحرة بفعل الزمن، مقطع أغنية «لطفى بوشناق»، «خذوا المناصب والمكاسب لكن خلولى الوطن»، وعلى اللحن، «خذوا أحمد سعد لكن خلولى صلاح».
ليس استنكافا لا سمح الله، الدورى السعودى للمحترفين في طريقه للعالمية بخطى واثقة، وهذا يغبط المحبين، ولكنى ضبطت نفسى رافضا احتراف ولدنا محمد صلاح في «دورى روشن»، هكذا اسمه، وتمنيت من كل قلبى أن يثبت عقله وقلبه، ويتروى في هذه النقلة النوعية في مشواره الكروى الطموح. ورغم العرض الخيالى الذي بذلته بكرم إدارة فريق «اتحاد جدة» لإغراء صلاح لتحقيق حلم مشروع، إلا أنه لم يكن كافيا ليتخلى صلاح عن حلمه الكبير في الكرة الذهبية، حلم صلاح لا يزال في الملعب، ولم يفقد شغفه بعد.. لسه الأحلام ممكنة.
هناك وجهة نظر تحترم، من حق صلاح تأمين مستقبله بملايين إضافية، سيما أنه جاوز عتبة الثلاثين من عمره، والسن له أحكام، وما هو معروض عليه اليوم، ربما لن يحصله غدا.
أيضا حالة ليفربول لا تؤهل صلاح لملء الشاشة العالمية، ليفربول خارج دورى الأبطال، وفى موازين القوى الكروية يأتى خلف السيتى وأرسنال وباريس وبايرن.. وفرصة ليفربول في حصد البطولات المحلية والقارية فيها شك كبير. فضلا على بزوغ شهب خاطفة للأبصار في سماء الكرة العالمية، متجاوزة صلاح تألقا، النرويجى إيرلنج هالاند، الفرنسى كيليان مبابى، البرازيلى فينيسيوس جونيور، هم نجوم المستقبل، وصلاح كان ينافس في فتوَّته الكروية ميسى ورونالدو، وكلاهما ماض تولى. ناهيك عن حالة المنتخب الوطنى التي لا تساعد صلاح على الوصول إلى النهائيات القارية والعالمية، التي للأسف تصب في خانة صلاح بالسالب، وتزيد من غلة نجوم آخرين في شباك الكرة الذهبية التي يحلم بها صلاح.
أسباب موضوعية، واقعية، لها من العقل نصيب، لكن صلاح لم يخيب الظنون، استمسك بحلمه، وحلمنا في مزيد من التألق والإبداع، وتحطيم الأرقام الكروية القياسية، أشبه بعداء المسافات الطويلة، كلما بلغ رقما حطمه، نهم لا يشبع كرويا، صلاح يحزن لو خرج من الملعب، كالسمك يموت لو خرج من المياه.
بقاء صلاح في الدورى الأقوى عالميا، دورى العدائين الأفذاذ، يطيل عمره الكروى، يحفزه على المزيد من التألق والإبداع، دورى يجلى المواهب، موئل نجوم المستقبل وصلاح ليس ماضيا.
جد لم يحن وقت الراحة والكسل اللذيذ بعد، لسه المشوار طويل، ومن يعرف صلاح (الفلاح الأصيل) يتيقن أنه يصحو باكرا يرعى موهبته، صلاح مولود «معافر» لم يعرف طعم الراحة قط، يطارد حلمه المشروع، يلهث ونحن وراه مهللين، قوة دافعة جبارة في ظهر صلاح، لم تتوفر للاعب عالميا.
في حياتنا صلاح استثناء، ولدنا الذي تقر به العيون، المصريون جد لا يشجعون ليفربول، يحبون صلاح، ويتحملون رزالة «يورجن كلوب» المدير الفنى للريدز لخاطر صلاح.
سل طفلا يركل الكرة في الحضانة، تحب تطلع إيه، يقولك صلاح، والأم في الفجرية تدعو لولدها وهو نايم، يا رب اشوفك زى صلاح، والجدة على كبر تضبط موعد نومها على مباراة صلاح، والطيبون يدعون لصلاح في صلاتهم.
من يحبهم صلاح ويحبونه من قلوبهم، يتمنون بقاءه في الدورى الإنجليزى لأطول فترة ممكنة، صلاح ولدنا جالنا على كبر، على شوق، بعد أن اشتعل الرأس شيبا.. خذوا أحمد سعد وأحمد شيبة.. لكن خلولى صلاح.