بداية قوية.. ووعود بتنفيذ سريع
مع توليه الرئاسة رسميًا اليوم، يبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية بتوقيع ما يقرب من 200 أمر تنفيذي في الساعات الأولى بعد حفل التنصيب، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى إعادة تشكيل السياسات الأمريكية داخليًا وخارجيًا.
هذه القرارات تعكس رؤية ترامب التي طالما دافع عنها خلال حملته الانتخابية، حيث يسعى إلى إلغاء إرث بايدن بالكامل، وفرض أجندته القومية، وإحداث تغييرات جوهرية في ملفات الأمن، الاقتصاد، التعليم، الهجرة، والقضايا الاجتماعية.
رفع السرية عن ملفات حساسة: كشف تاريخي أم إثارة للجدل؟
يعد رفع السرية عن بعض أكثر الملفات غموضًا في التاريخ الأمريكي أحد أبرز الأوامر التي سيوقعها ترامب، وهو قرار قد يؤدي إلى تداعيات سياسية وقانونية واسعة النطاق. تشمل هذه الملفات:
1- الملفات الجنسية لقضية جيفري إبستين
يعتقد أن هذه الوثائق تحتوي على أسماء شخصيات سياسية واقتصادية بارزة متورطة في شبكة إبستين للاتجار بالبشر. الكشف عن هذه الأسماء قد يؤدي إلى فضائح مدوية وملاحقات قضائية في أوساط النخبة الأمريكية والعالمية.
2- أحداث 11 سبتمبر 2001
بعد أكثر من عشرين عامًا من الغموض، قد تكشف الوثائق المسربة معلومات غير مسبوقة عن الدور الحقيقي للاستخبارات الأمريكية والسعودية في هذه الأحداث، والجهات التي مولت ونظمت الهجمات. هذه المعلومات قد تفتح الباب أمام إعادة التحقيق في القضية، وربما توترات دبلوماسية جديدة.
3- ملفات اغتيال الرئيس جون كينيدي
رغم أن بعض أجزاء هذا الملف رُفعت عنها السرية سابقًا، إلا أن هناك دلائل على أن ترامب سيكشف معلومات لم تُنشر من قبل، قد تغير الرواية التاريخية حول عملية الاغتيال الأكثر جدلًا في القرن العشرين.
قرارات اجتماعية مثيرة للجدل: انقلاب على التوجهات الليبرالية
ترامب، المعروف بمواقفه المحافظة، سيصدر أوامر تنفيذية تُعيد تشكيل السياسة الاجتماعية في الولايات المتحدة، وتشمل:
1- طرد المثليين من الجيش
في خطوة تعكس تراجعًا عن سياسات الإدارات الديمقراطية، قرر ترامب إعادة العمل بسياسة “لا تسأل، لا تخبر”، التي كانت تمنع المثليين من الخدمة العسكرية بشكل علني. هذا القرار قد يواجه طعونًا قضائية ومظاهرات من قبل منظمات حقوق الإنسان.
2- منع المثليين من المشاركة في الرياضات النسائية
هذه القضية أثارت جدلًا واسعًا في السنوات الأخيرة، حيث يرى ترامب أن مشاركة الرجال المتحولين جنسيًا في منافسات النساء تؤثر سلبًا على تكافؤ الفرص في الرياضة. هذا القرار سيحظى بدعم واسع من المحافظين، لكنه قد يواجه مقاومة من المجتمع المدني والمنظمات الرياضية الدولية.
الهجرة: إجراءات صارمة وترحيلات جماعية
يُعد ملف الهجرة أحد أعمدة حملة ترامب الانتخابية، حيث تعهد باتخاذ إجراءات أكثر صرامة من ولايته الأولى. تشمل قراراته الجديدة:
1- ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين
سيتم تسريع عمليات الترحيل عبر:
• إعادة تفعيل برنامج الترحيل السريع، الذي يسمح للحكومة بطرد المهاجرين غير الشرعيين دون إجراءات قانونية مطولة.
• زيادة أعداد ضباط الهجرة، لفرض القانون بشكل أكثر صرامة.
• تشديد الرقابة على المدن التي توفر ملاذًا آمنًا للمهاجرين، مثل نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو.
2- تعزيز بناء الجدار الحدودي مع المكسيك
رغم العوائق التي واجهها خلال ولايته الأولى، يخطط ترامب لاستكمال بناء الجدار الحدودي وتعزيز الأمن على الحدود الجنوبية لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
إصلاحات حكومية واقتصادية: نهج جديد للإدارة
يركز ترامب على إعادة هيكلة الحكومة الأمريكية لتعزيز الكفاءة والإنتاجية، من خلال:
1- تشكيل “وزارة الكفاءة الحكومية”
ستكون هذه الوزارة مسؤولة عن إعادة تقييم المؤسسات الحكومية، وتقليص البيروقراطية، وتحسين الأداء الإداري.
2- السيطرة الفيدرالية على التعليم
يخطط ترامب لتقليل سلطة الولايات في وضع سياسات التعليم، وتوحيد المناهج الدراسية لتعزيز القيم الوطنية الأمريكية، وهو ما قد يثير انتقادات واسعة من قبل المؤسسات التعليمية.
3- الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
لتعزيز موقع الولايات المتحدة في المنافسة التكنولوجية العالمية، يعتزم ترامب تكثيف الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يشمل الأبحاث العسكرية والاقتصادية والطبية.
إلغاء إرث بايدن: تصفية الحسابات السياسية
في خطوة تصعيدية، أعلن ترامب أنه سيمحو كل الأوامر التنفيذية التي وقعها جو بايدن، ووصفها بأنها “أوامر حمقاء دمرت أمريكا”. هذا يشمل:
• إلغاء قرارات بايدن بشأن تغير المناخ.
• إلغاء توسيع برامج الرعاية الصحية.
• إلغاء سياسات بايدن في مجال الهجرة.
• إلغاء دعم بايدن للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتجارة والمناخ.
قرار مثير للجدل: عفو عن المدانين في أحداث الكابيتول
ترامب قرر إصدار عفو شامل عن جميع المدانين في أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021، معتبرًا أنهم “ضحايا اضطهاد سياسي”. هذه الخطوة ستثير انتقادات شديدة من الديمقراطيين، وستفتح مواجهة قانونية جديدة بين ترامب والقضاء الأمريكي.
التحديات القانونية: هل ستصمد هذه الأوامر أمام المحاكم؟
رغم حماس ترامب لتنفيذ هذه القرارات، إلا أن العديد منها سيواجه:
• طعونًا قانونية في المحكمة العليا.
• معارضة شرسة من الكونغرس، خاصة من الديمقراطيين.
• احتجاجات شعبية قد تعيق تنفيذ بعض السياسات، مثل سياسات الهجرة والجندر.
ترامب والسيسي: شراكة قوية في ولايته الثانية
على الصعيد الدولي، من المتوقع أن تشهد العلاقة بين ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مزيدًا من التقارب والتعاون، حيث كان السيسي أول المهنئين بفوز ترامب في ولايته الأولى، وأيضًا من أوائل المهنئين بعد فوزه بولاية ثانية.
العلاقات بين البلدين ستشهد تعزيز التعاون الأمني والعسكري، واستمرار دعم مصر في مكافحة الإرهاب، والتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية، خاصة في الشرق الأوسط.
ختامًا: بداية قوية.. وصدامات متوقعة
بهذه العاصفة من القرارات، يعلن ترامب أن ولايته الثانية ستكون أكثر جرأة وجذرية من الأولى. وبينما يرى أنصاره أن هذه التغييرات تعيد أمريكا إلى “مسارها الصحيح”، يرى معارضوه أنها ستؤدي إلى صراعات سياسية واجتماعية قد تكون الأخطر في تاريخ الولايات المتحدة.
الأيام المقبلة ستحدد ما إذا كان ترامب قادرًا على تنفيذ رؤيته، أم أنه سيواجه عراقيل قانونية وسياسية تعطل مساعيه في تغيير ملامح أمريكا.
