احتراز وجوبى، أى خطأ لغوى فى هذا المقال لا يرتب على كاتب هذه السطور مسؤولية لغوية، علما أنه اجتاز امتحان اللغة العربية فى الشهادة الإعدادية بنجاح لافت!.
قرأت فى صحيفتنا «المصرى اليوم» تقريرا عجيبا حول امتحان «اللغة العربية» لطلاب الشهادة الإعدادية.. لم ندخل فى جحيم الثانوية العامة بعد، إِنّ غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيب، أى لمنتظرة!.
أسئلة لغوية عميقة يحار فيها النَّاحِى وهو العالمُ بالنّحْو، والجمع نُحاةٌ، وأرجو أن يكون الجمع صحيحا حتى يكتب لنا النجاح فى امتحان اللغة العربية فى الشهادة الإعدادية (طبعة ٢٠٢٥).
تحتاج إلى مزيد من (درجات الرأفة) لتمر من فخاخ هذا الامتحان العجيب، تنافس محموم من واضعى الامتحانات (النُحاة) على دحض قريحة الطلاب، وتعجيزهم، إصرار عجيب على نقر أدمغة الطلاب بأسئلة حداد.. لماذا اللغة العربية باتت مكروهة؟، طالع الامتحانات من أسيوط حتى الإسكندرية مرورا بسوهاج!!.
أتخيل طالبا استبدّ به اليأس فطفق يردد فى وسط اللجنة «أنا فى عرض المجمع اللغوى» على طريقة طيب الذكر «عبدالفتاح القصرى»، وهو من هو ضليع فى اللغة العربية، ويتهجى ثعبان حرف حرف على «حنش»!.
فى أسيوط على سبيل المثال، سؤال عن جمع «الدنيا» وشملت الاختيارات «الدنيات- الدنايا- الدنا- الأدنيات».. والجمع الصحيح (دُنْييات ودُنًى ودُنا) وهذا يحتاج الرجوع إلى المعجم فورا.. وقبل أن تدور بالطالب الدنيا وجمعها دُنْييات، يصدمه سؤال، عن جمع «رشيد» وتضمنت الإجابات «رشيدات- راشدون- رشداء- أرشاد».. والجمع الصحيح «رُشَداءُ»، تحتاج رشدا وعقلا راجحا لتعرف جمع رشيد.
وهكذا دواليك، تضمن امتحان اللغة العربية بمحافظة سوهاج، سؤالا عن جمع كلمة «سائر» ومضاد «وافر»، أما امتحان اللغة العربية محافظة الإسكندرية، فتضمن سؤالا عن جمع «داء» ومرادف «تتوقى» ومرادف كلمة «منافرة».. وتضمنت الاختيارات «هادئة- كارهة- مصاحبة». المُنَافَرَةُ، معجميا هى المُحَاكَمَةُ إلى مَنْ يَقْضى فى خُصُوْمَةٍ أو مُفَاخَرَةٍ (المحیط فى اللغة – ج ١٠)!!،
هلا طالع وزير التعليم الأستاذ «محمد عبد اللطيف» هذه الألغاز، هل جرب بخبرته التعليمية العميقة أن يجيب على سؤال واحد فقط، على سبيل المثال من الامتحان، جمع «الإنسان» وتضمنت الاختيارات «أناسىّ- أنس- إناث- إنسانيات»، وحتى لا أشق على الوزير وملئه، جمعها «أناس، أناسىّ»، جمعها أصله أناسين، على وزن فعاليل.
ماذا نحن «فعاليل» لزوم القافية، وأرجو أن يغفرها مصححو «المصرى اليوم»، ورغم خبرتهم العميقة فى اللغة العربية أخشى عليهم من امتحان اللغة العربية فى الشهادة الإعدادية.. وهذا على سبيل المزاح المهضوم.
ربنا يستر على طلاب الثانوية العامة، بين ظهرانينا مجموعة عبقرية من النُحاة، كل منهم «عقدة» فى تخصصه، تخصص تعقيد الطلاب، وتكرهيهم وأهليهم فى اللغة العربية.
متى ينتهى هذا الكابوس السنوى، ألم يتوصل دهاقنة التعليم بعد إلى امتحانات لغوية رحيمة؟، إلى متى ستظل اللغة العربية هكذا واعرة، قاسية، تقسو على الأفراخ الصغيرة؟.
لا مثيل لامتحانات اللغة العربية فى بلاد الضاد كافة، راجع وسائل التواصل بلغاتها الأصلية ومترجمة، لن تصادف خبرا عن ألغاز الإعدادية السعودية أو المغاربية، فحسب الإعدادية المصرية ومثلها الثانوية، وكأن الطالب المصرى استثناء من العالم العربى، لديه امتحان سنوى فى المفرد والجمع، وجمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم.. وجمع تكسير العظام!!.