كشف موقع “ريبار” العسكري الروسي عن معلومات خطيرة تتعلق برئيس إدارة المخابرات العامة السورية حسام لوقا، واصفًا إياه بـ “الخائن الكبير” للرئيس بشار الأسد، بعد مزاعم تتحدث عن محاولة انقلابية كان يقودها، بل وتخطيطه لاعتقال الأسد شخصيًا ليلة مغادرته دمشق.
هذه المعلومات إن صحت، تعني أن لوقا ليس مجرد مسؤول أمني رفيع داخل النظام، بل لاعب رئيسي في المشهد السوري الداخلي، استطاع في السنوات الأخيرة التحكم بمفاصل الدولة الأمنية، وتوجيه دفة العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية. لكن ما طبيعة الدور الذي لعبه؟ وكيف انتقل من كونه أحد رجال النظام الموثوقين إلى شخص تتهمه موسكو بالخيانة والارتباط بمشاريع خارجية؟
حسام لوقا.. رجل الأمن الذي تحول إلى صانع قرارات خطيرة
يُعرف حسام لوقا بأنه واحد من أبرز الشخصيات الأمنية في سوريا، وقد بدأ مسيرته في المخابرات السورية منذ عقود، حيث شغل مناصب عدة في الأجهزة الأمنية، وصولًا إلى تعيينه في منصب رئيس إدارة المخابرات العامة السورية، وهو المنصب الأرفع في الاستخبارات السورية بعد جهاز الأمن الوطني.
في السنوات الأولى للأزمة السورية، كان لوقا يُنظر إليه كأحد القادة الذين تعاملوا بقبضة حديدية مع الاحتجاجات، خاصة في مناطق مثل حماة وحمص وريف دمشق، حيث أشرف على عمليات أمنية واسعة. لكن وفقًا لمصادر روسية، فإن تحولًا كبيرًا بدأ يظهر في سياساته خلال السنوات الأخيرة، حيث بات يسعى لتغيير معادلة الولاءات داخل الأجهزة الأمنية، وإعادة تشكيل علاقات النظام مع القوى الخارجية، بعيدًا عن النفوذ الروسي التقليدي.
محاولة الانقلاب وقرار الانسحاب من حمص.. لعبة مزدوجة؟
يقول التقرير الروسي إن حسام لوقا لم يكن فقط يعمل ضد المصالح الروسية في سوريا، بل كان أيضًا وراء قرارات عسكرية غيّرت مسار الحرب، أبرزها إصدار أوامر بانسحاب الجيش السوري من مدينة حمص أثناء زحف قوات المعارضة، مما سمح للمسلحين بالسيطرة على أجزاء واسعة من المدينة في توقيت بالغ الحساسية.
لكن الأخطر من ذلك هو مزاعم تورطه في محاولة انقلاب على الأسد، إذ تشير المعلومات إلى أنه خطط لاعتقال الرئيس ليلة مغادرته دمشق في إحدى زياراته الخارجية، في خطوة كانت ستؤدي إلى انقلاب داخلي يغير المشهد السوري برمته. ورغم أن هذه المعلومات لا تزال غير مؤكدة رسميًا، إلا أنها تتزامن مع تحركات أخرى قام بها لوقا خلال الفترة ذاتها، مثل تعزيز نفوذ إيران على حساب روسيا داخل الأجهزة الأمنية.
تصفية رجال روسيا من المخابرات السورية.. بداية العداء مع موسكو
قبل وصول حسام لوقا إلى رئاسة إدارة المخابرات العامة، كان الجهاز تحت قيادة محمد ديب زيتون، وهو أحد أبرز الوجوه الموالية لروسيا داخل النظام السوري، حيث كان يُعرف بعلاقاته الوثيقة مع الاستخبارات الروسية، وكان يُنسق بشكل مباشر مع موسكو في إدارة الملفات الأمنية الكبرى.
لكن بعد رحيل زيتون، بدأ لوقا حملة تطهير داخل الجهاز، استهدفت جميع العناصر الموالية لروسيا، حيث تم إبعادهم عن المناصب الحساسة، ونقلهم من المكتب المركزي في دمشق إلى إدارات المقاطعات، مما جعل موسكو تفقد نفوذها داخل أخطر جهاز أمني في سوريا.
هذا التحول لم يكن عابرًا، فقد ترافق مع تعزيز التعاون الأمني مع إيران، حيث بات لوقا يُعتبر أحد أبرز الشخصيات التي تدعم النفوذ الإيراني داخل الأجهزة الأمنية السورية، وبدأ يتلقى دعمًا مباشرًا من الحرس الثوري الإيراني، الذي أصبح يتحكم في مفاصل أمنية حساسة بفضل حلفائه داخل النظام.
منذ 2020.. تقليص التعاون مع روسيا وزيادة النفوذ الإيراني
بحسب التقرير الروسي، فإن منذ عام 2020، بدأ حسام لوقا بتقليل مستوى التعاون الأمني مع موسكو، مقابل زيادة التنسيق مع إيران، حيث أصبح الحرس الثوري الشريك الأول للمخابرات السورية في الملفات الأمنية والعسكرية.
هذا التحول لم يكن مجرد قرار سياسي، بل كان مرتبطًا بمصالح اقتصادية أيضًا، إذ بدأ لوقا يتلقى فوائد مالية على كل قرض إيراني تحصل عليه سوريا، مما عزز من قبضته داخل النظام، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي الحاد الذي تعاني منه البلاد.
علاقته بتركيا وقطر.. هل كانت محاولة للنجاة؟
مع تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية على سوريا، تشير المعلومات إلى أن حسام لوقا بدأ في إقامة قنوات اتصال سرية مع الأجهزة الأمنية في تركيا وقطر، تحت غطاء التعاون الاستخباراتي، لكنه في الحقيقة كان يسعى لضمان دعم خارجي يؤمن له مستقبلًا سياسيًا في حال سقط نظام الأسد أو تعرض لضغوط داخلية.
هذه الخطوة أثارت قلقًا كبيرًا داخل أروقة النظام، خاصة وأن تركيا وقطر كانتا في مقدمة الدول التي دعمت المعارضة السورية، مما جعل تقاربه معهما موضع تساؤلات حول ما إذا كان يسعى لتأمين طريق خروج شخصي في حال تغيرت المعادلة السياسية في دمشق.
ابنته في الأمم المتحدة.. قناة التواصل السري؟
إحدى المعلومات التي كشفها التقرير الروسي تتعلق بـ ابنة حسام لوقا، التي تعمل في منظمة الأمم المتحدة، وهو ما فتح باب التكهنات حول ما إذا كان هذا يشكل واجهة لتواصله مع جهات دولية.
وجود ابنة شخصية أمنية رفيعة في مؤسسة مثل الأمم المتحدة، قد يوفر غطاءً دبلوماسيًا لتحركاته، ويسمح له بتمرير رسائل غير مباشرة إلى قوى غربية، وهو ما يجعل دوره أكثر تعقيدًا وخطورة داخل المشهد السوري.
هل يشكل حسام لوقا خطرًا على الأسد؟
مع كل هذه المعلومات، يبقى السؤال الأهم: هل ما زال حسام لوقا يشكل خطرًا على بشار الأسد؟
حتى الآن، لا توجد أي تحركات رسمية من النظام السوري ضد لوقا، لكن حقيقة أن موقعًا عسكريًا روسيًا كشف هذه التفاصيل قد تعني أن موسكو بدأت ترى فيه تهديدًا مباشرًا لمصالحها في سوريا، وقد يكون هذا مقدمة لإقالته أو تصفيته في المرحلة المقبلة.
في المقابل، إذا كان لوقا قد نجح بالفعل في بناء تحالفات خارجية مع إيران وتركيا وقطر، فقد يصبح أحد اللاعبين الأقوياء في مستقبل سوريا، خاصة في حال حدوث أي تغييرات داخل النظام.
لكن تبقى الحقيقة الأكيدة أن حسام لوقا لم يعد مجرد رجل أمن تقليدي، بل شخصية تلعب في مساحات رمادية بين الولاء والخيانة، وبين حماية النظام والتخطيط لسقوطه.