“هودو”.. لعنة تطارد الأجيال أم لعبة العقل الباطن؟
في قلب معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث تمتزج رائحة الورق بالحكايات التي تنتظر من يكتشفها، تستعد الفنانة دوللي شاهين لإطلاق روايتها الأولى “هودو”، التي تحمل القارئ إلى عالم من الغموض والرعب النفسي، حيث تتشابك الحقيقة بالأسطورة، ويتحول الخيال إلى كابوس ممتد عبر الأجيال. لكن السؤال الذي سيواجه كل من يقرأها: هل نحن أمام لعنة حقيقية تلاحق عائلة بأكملها؟ أم أن هناك سحرًا دفينًا داخل النفس البشرية قادرًا على تشكيل مصيرها؟
جريمة قديمة.. أم انتقام مؤجل؟
كل شيء يبدأ بمأساة غامضة، بجريمة تبدو وكأنها تمت بدم بارد، لكن آثارها لا تموت. خادمة غامضة تُقتل، لكن سرها لا يُدفن معها، بل يظل حيًا في صفحات كتاب قديم نادر قيل إنه يحمل أسرار السحر الأسود، ويعود أصله إلى زمن هاروت وماروت. الكلمات التي همست بها القتيلة قبل موتها لم تكن مجرد كلمات، بل كانت بداية لسلسلة من الأحداث المريبة، حيث بدأت المصائب تضرب العائلة التي امتلكت الكتاب، واحدة تلو الأخرى، وكأن كيانًا خفيًا قد تحرر ليطالب بالثمن.
لم تكن تلك المصائب مجرد ضربات قدر عشوائية، بل كانت ذات طابع انتقامي غامض. كل من اقترب من أفراد العائلة، أو حاول فك طلاسم اللعنة، وجد نفسه جزءًا من لعبة لا يمكن التنبؤ بقوانينها. ومع كل حادثة، كان اللغز يزداد تعقيدًا، والأحداث تتخذ منحى أكثر سوداوية، وكأن هناك يدًا خفية تحرك كل شيء من وراء الستار.
مرآة الأسرار.. حيث تتداخل الحقيقة بالوهم
لا تدور “هودو” في إطار الرعب التقليدي الذي يعتمد على الظواهر الخارقة فحسب، بل تأخذ القارئ إلى عمق العقل البشري، حيث تتجلى الأسئلة الأكثر رعبًا: هل نحن ضحايا قوى غامضة تتحكم في مصائرنا، أم أن عقولنا هي التي تصنع الوحوش التي نخشاها؟
تتوالى الأحداث في الرواية وكأنها تنعكس في مرآة، ليست مرآة عادية، بل واحدة تكشف ما وراء الزمن، ترينا الماضي والحاضر في آنٍ واحد، وتجعلنا نتساءل: هل نحن أمام مصادفات، أم أن هناك قوة ما تدفع كل شيء نحو نهايته المحتومة؟ وهل يمكن لشخص ما، في لحظة من الزمن، أن يكسر اللعنة؟ أم أن الاختيار الحقيقي ليس في الهروب منها، بل في مواجهتها؟
رعب يتسلل إلى أعماق النفس البشرية
“هودو” ليست فقط عن اللعنات والأرواح الغامضة، بل عن القوى التي تحرك البشر أنفسهم. هناك من يعبد المال، ومن يسعى إلى السلطة، ومن يفتن بالجمال والخلود، وكل منهم مستعد لدفع أي ثمن في سبيل ذلك. لكن عندما تختلط هذه الرغبات بالقوى المجهولة، تصبح العواقب مرعبة.
في كل صفحة، يتصاعد التوتر، وتتشابك الخطوط بين الماضي والحاضر، حتى يصل القارئ إلى لحظة يكتشف فيها أنه لم يعد مجرد متفرج، بل أصبح جزءًا من اللغز. فهل سيجد الإجابة، أم أن اللعنة ستطارده أيضًا؟
عمل أدبي بلمسات سينمائية مشوقة
لا تأتي هذه الرواية كمغامرة فردية، بل جاءت نتيجة تعاون أدبي وفني رفيع المستوى. فقد شارك الكاتب المصري الكبير محمد المخزنجي في تطوير البنية السردية، بينما أضفى المخرج مؤمن يوسف لمسات بصرية جعلت النص ينبض بالحياة، مما يجعل “هودو” تبدو وكأنها مشهد سينمائي متكامل، قابل لأن يتحول يومًا ما إلى عمل درامي مثير يعيد تعريف الرعب في الأدب العربي.
أين تجد “هودو”؟
لمن يجرؤ على اكتشاف الحقيقة، يمكن العثور على “هودو” داخل جناح دار ديير للنشر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، صالة 1، جناح B22، بداية من 24 يناير الجاري.
لكن السؤال الحقيقي ليس فقط أين تجد الرواية؟ بل هل أنت مستعد لقراءتها؟ هل ستجرؤ على قلب الصفحات حتى النهاية؟ أم أنك، مثل أبطالها، ستشعر أن هناك شيئًا ما يراقبك، يتربص بك بين السطور، بانتظار اللحظة المناسبة ليظهر؟