بقلم – صموئيل العشاي:
خلال الأيام الماضية، ترددت أنباء عن احتمالية تولي اللواء مراد موافي، رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، رئاسة حزب حماة وطن خلفًا للفريق جلال هريدي، الذي وافته المنية مؤخرًا.
سألني العديد من الأصدقاء عن صحة هذه الأخبار، وهل هناك نية حقيقية لتولي الرجل هذا المنصب؟ والحقيقة، لا أملك إجابة مؤكدة، لكن ما أراه أن هذا الاختيار – إن حدث – سيكون تكريمًا مستحقًا لقامة وطنية كبيرة، ورجل له سجل مشرف من العطاء لمصر في ميادين القتال والمخابرات والعمل الوطني.
رجل أحبه اللواء عمر سليمان.. وراهن عليه الوطن
اللواء مراد موافي ليس مجرد اسم في سجل قادة المخابرات المصرية، بل هو شخصية فريدة، جمعت بين القوة، الحنكة، والولاء المطلق للوطن. حينما كان اللواء عمر سليمان على رأس جهاز المخابرات العامة، لم يجد أفضل منه ليكون خليفته، فاختاره ليشغل المنصب بعد تصعيد سليمان إلى منصب نائب رئيس الجمهورية في الأيام الأخيرة من حكم مبارك.
لكن ما قد لا يعرفه البعض، أن مراد موافي كان من أوائل من آمنوا بقدرات الرئيس عبد الفتاح السيسي، حين كان لا يزال يشغل منصب نائب مدير المخابرات الحربية. وقتها، رأى في السيسي رجل دولة حقيقيًا، فدعمه، وأتاح له الفرصة ليكون شريكًا فاعلًا في قيادة جهاز المخابرات الحربية، حيث كان لهما دور بارز في حماية الأمن القومي خلال أصعب مراحل مصر.
الإطاحة به.. ثمن قول الحقيقة
ظل اللواء مراد موافي في موقعه، يدافع عن مصر بعقيدة راسخة وإخلاص نادر، إلى أن جاءت اللحظة التي دفع فيها ثمن صدقه ووطنيته. بعد حادث رفح الإرهابي عام 2012، خرج موافي بتصريح صادم قال فيه:
“أبلغنا رئاسة الجمهورية بوجود تهديدات في سيناء، لكن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الهجوم.”
كان هذا التصريح كفيلًا بإشعال غضب محمد مرسي، الذي لم يتحمل سماع الحقيقة، فقرر الإطاحة به فورًا من منصبه، في مشهد أكد أن الإخوان لا يريدون رجال دولة، بل يريدون أدوات مطيعة لتنفيذ أوامرهم.
لكن خروج مراد موافي من المشهد الرسمي لم يكن نهاية دوره، بل كان بداية لمرحلة جديدة من النضال الوطني.
دوره في ثورة 30 يونيو ودعمه للرئيس السيسي
عندما خرج ملايين المصريين في ثورة 30 يونيو لإسقاط حكم الإخوان، كان مراد موافي من أوائل الداعمين للحراك الشعبي. لم يكتفِ فقط بالدعم المعنوي، بل لعب دورًا محوريًا في مرحلة ما بعد الثورة، حينما دعم بقوة ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية.
لم يكن دعمه مجرد موقف سياسي، بل كان عن قناعة راسخة بأن مصر تحتاج إلى قائد قوي، قادر على إعادة بناء الدولة وإنقاذها من الفوضى.
مقاتل خلف خطوط العدو.. وبطل صامت
بعيدًا عن المناصب والسياسة، فإن مسيرة مراد موافي الحقيقية بدأت في ميادين القتال. قليلون يعرفون أن هذا الرجل كان أحد أبطال العمليات خلف خطوط العدو خلال حرب الاستنزاف التي سبقت حرب أكتوبر المجيدة. كان ضابطًا شابًا، يقود جنوده بروح قتالية نادرة، وينفذ عمليات بطولية لم يُكشف عن تفاصيلها كاملة حتى الآن.
ورغم تاريخه العسكري والاستخباراتي الحافل، فإن الرجل يرفض الحديث عن بطولاته، ودائمًا ما يردد مقولة واحدة:
“ما قدمناه لمصر، كان واجبًا علينا.. لا ننتظر شكرًا من أحد.”
هذا هو معدن الرجال الحقيقيين، الذين يؤمنون بأن الوطنية فعل وعمل، لا كلمات واستعراضات.
هل نحتاج مراد موافي في المشهد السياسي؟
اليوم، ومع الحديث عن توليه رئاسة حزب حماة وطن، يطرح البعض تساؤلًا مهمًا: هل مصر بحاجة لمراد موافي في الحياة السياسية؟
في رأيي، الإجابة نعم، وبشدة.
• نحن أمام رجل وطني حتى النخاع، يؤمن بمصر ويدافع عنها بلا تردد.
• رجل يعرف معنى الأمن القومي، ويدرك المخاطر التي تحيط بالبلاد، ويمتلك الخبرة في التعامل معها.
• شخصية محبة للرئيس السيسي، ومؤمنة بمشروعه الوطني، وقادرة على تقديم إضافة حقيقية في العمل السياسي.
مصر الآن بحاجة إلى قيادات من هذا الطراز، قيادات تحمل تاريخًا مشرفًا، وتملك رؤية للمستقبل، وتعرف جيدًا كيف تدير الأزمات بحكمة وشجاعة.
سواء تولى اللواء مراد موافي رئاسة الحزب أم لا، يظل هذا الرجل رقمًا مهمًا في معادلة الدولة المصرية. مسيرته مليئة بالمواقف المشرفة، سواء في ميادين القتال، أو كأحد أبرز قادة المخابرات المصرية، أو في دعمه للدولة خلال أصعب فتراتها.
وربما يكون دخوله للحياة السياسية هو الخطوة التي تأخرت، لكنها قد تكون ضرورية الآن، ليواصل خدمة مصر في مرحلة جديدة، كما خدمها من قبل في الخفاء، بعيدًا عن الأضواء.