يا فادي، يا نور عيني، يا حبيبي، كيف تركتني في هذه الدنيا المظلمة؟ كيف تركتني أمشي بين الجدران بدونك؟ كيف رحلت في عز شبابك، في اللحظة التي كنت فيها أحلم أن أراك تكبر وتحقق كل ما تمنيت؟ كيف تخليت عني وأنا في أمس الحاجة إليك؟ القلب لا يتحمل، وكل يوم يمر، يزداد وجعي وحزني. كل لحظة تمر، يبدو أن الزمن قد توقف، لا شيء يتحرك إلا الألم الذي يعصر قلبي ويحطم فؤادي. لا أستطيع أن أصدق أنك لم تعد هنا، ولا أستطيع أن أستوعب أنني سأمضي بقية العمر وأنا أبحث عنك في كل زاوية، وأنا أتمنى لو أسمع صوتك مرة أخرى، ولو أرى وجهك الذي طالما كان مصدر أمل في حياتي.
يا فادي، كنتَ أنت الحلم الذي أسعى لتحقيقه، كنتَ الأمل الذي يضيء لي درب الحياة. كنتَ فرحي وسعادتي، وكنتَ كل شيء في حياتي. كيف تخليت عني؟ لماذا تركتني وحدي في هذا العالم القاسي؟ بدل أن تلبس بدلة الفرح كما كنت تحلم، لبسوك الكفن، بدل أن نفرح بك ونسعد بك، أصبح قلبي ينكسر ويتفتت في كل لحظة. آه يا حبيبي، ليس في قلبي مكان لأي شيء سوى الألم، ليس في حياتي سوى الحزن الذي يغمرني. كل لحظة تمر، أشعر وكأنها دهور من العذاب.
ألم أقل لك يا فادي، أنني كنت أنت السند الذي أقف عليه؟ كنتَ ظهري الذي لا يميل، كنتَ كل ما أملك في هذا العالم. اليوم، لا أجدك، لا أسمع صوتك، ولا أستطيع أن أراك. الشقة التي كنت قد جهزتها لك، أصبحت فارغة، لا تكتمل بدونك. كل ركن، كل زاوية، كل شيء فيها يذكرني بك، وكأنني أعيش في مكان مليء بالذكريات المؤلمة التي لا تفارقني. الموتسكيل الذي كنت تحبه، أصبح مجرد شيء عابر، كما لو أنه فقد روحك معه، كل شيء أصبح يدور في الفراغ، وكل شيء أصبح لا معنى له بعدك. حاجاتك في البيت، ملابسك، وأدواتك، وكل شيء كنت تتركه ورائك، ما زالت تبحث عنك، وأنا أقف في حيرة، هل تعود لتأخذها؟ هل سأراك مجددًا؟
لكنني في كل يوم، في كل ساعة، في كل لحظة، لا أستطيع إلا أن أصرخ باسمك، أن أدعو الله أن يعود بك إلى حياتي. عيني لا تفارقها الدموع، وكأنها لا تستطيع أن تستوعب الفاجعة التي حلت بنا. كيف أعيش من دونك؟ كيف أواجه هذه الحياة دون أن أسمع ضحكتك، دون أن أراك تلعب، دون أن أشاركك أحلامك وطموحاتك؟ أخوك، أختك، كلهم مكسورين عليك، وكلهم يعانون كما أعاني، وكلهم يتألمون كما أتألم. كأن العالم قد انقلب رأسًا على عقب، كأننا جميعًا نعيش في كابوس لا نستطيع الخروج منه.
يا فادي، إذا كان هناك مكان يمكن أن تعود فيه، فأنا لا أريد شيئًا سوى أن أراك مجددًا، أن ألتقي بك ولو للحظة، أن أشم رائحة حضورك التي كانت تملأ المكان حولي. هذا الوجع، هذا الألم، لا يحتمل، هذه الأيام السوداء التي تعيش في قلبي، لا أستطيع أن أعيش بها بعد الآن. لماذا يا حبيبي، لماذا تركتني؟ لماذا رحلت عني في الوقت الذي كنت فيه في أشد الحاجة إليك؟ الله وحده يعلم كم أحتاجك، كم أشتاق إليك، كم أتمنى لو أعود إلى تلك الأيام التي كنت فيها هنا بجانبي.
يا رب، خذني إليك، خذني لتجمعني به مرة أخرى، بدلًا من هذا الكسر في قلبي. أريد أن أراه مجددًا، أريد أن أكون معه، فهذه الحياة من دونه لا طعم لها. إذا كان الموت هو الطريق الذي ألتقي به، فخذني إليه، لا أستطيع أن أعيش بعد هذه الفاجعة، ولا أستطيع أن أستمر في هذه الحياة المظلمة. موتي أهون عليّ من العيش في هذا الألم القاتل، أهون من هذا الفقد الذي يظل يلاحقني في كل خطوة.
أمك