كلما حلت مناسبة عيد الميلاد المجيد أتلقى كمية من رسائل التهنئة تفوق رسائل التهنئة التي أتلقاها في رمضان أو في عيد الأضحى، وهذا شيء يسعدني كثيراً، وله حكايات طويلة تعود إلى أيام طفولتي في المرحلة الابتدائية.
في ذاك الوقت قرر الحاج مفيد – رحمه الله – أن يلحقني في المدرسة المخصصة لتعليم أبناء أقباط القرية لأنها تقدم تعليماً على مستوى عالٍ من الجودة، وبالفعل كنت أنا و٤ تلاميذ مسلمين فقط في هذه المدرسة التي التحقنا بها بسبب علاقات عائلاتنا القوية بناظر المدرسة الأستاذ (غراندوق).
لقد تربيت في هذه المدرسة على أن التعصب يعمي القلوب ويضرب الإنسانية في مقتل.. من يومها لم أضبط نفسي متلبساً بحالة تعصب ديني ولم أرتكب خطيئة الإفراط في تفسير أشياء تتعلق بالأديان.
منذ أيام الطفولة وأنا أشعر بالسعادة حينما أتلقى تهنئة في عيد الميلاد المجيد، والتي يرسلها لي أصدقاء يعتقدون أن (أشرف مفيد فضيل) وهو اسم يشير بشكل لافت للنظر إلى أنني (قبطي).
وتحضرني الآن حكاية طريفة تتعلق بالاسم فقد كان من بين رسائل التهنئة التي تصلني، رسالة تصل وبشكل منتظم من صلاح عبد المقصود المعروف بتشدده الديني. وفي عام ٢٠٠٤ وبينما كنت أقوم بأداء العمرة كان هو من بين وفد نقابة الصحفيين وفجأة وجدته يقف إلى جانبي وكنا أمام الكعبة وقال بهدوء: “إنت جيت هنا إزاي؟” فأخبرته بأن رسائل التهنئة التي يرسلها لي كانت تصل للشخص الخطأ بدليل أنني أقف الآن أمام الكعبة.
ضحك وقال لي: “سوف أحذف اسمك من كشف الإخوة المسيحيين” وعلى الرغم من ذلك ظلت الرسالة تصل إلى أن اختفى هو والرسالة معاً.
الخلاصة أن علاقتنا بالخالق يجب أن تنعكس على سلوكياتنا ونتفرغ للعبادة بشكل صحيح وبالطريقة التي أمرنا بها الله جل شأنه، ولا نشغل أنفسنا بمسائل قد تدفعنا إلى الدخول في النفق المظلم.
وكل عام وكلنا بخير “مسلمين وأقباط” وجعل الله أيامنا كلها خيراً وبركة ومحبة، وحفظ الله مصر وأنعم علينا بنعمة “الوطن الواحد”.