ما يجرى هو استكمال لمسلسل الإسقاط والتدمير والفوضى بهدف إعادة صياغة المنطقة
السنوات والأيام الأخيرة، والأحداث المتسارعة كانت كفيلة بأن تكشف الحقائق، وحقيقة أسباب ما يدور من صراعات واضطرابات وأوهام وأطماع فى المنطقة، فيما يجرى هو استكمال لمسلسل الإسقاط والتدمير والفوضى بهدف إعادة صياغة المنطقة، أو تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى تحدًّث عنه نتياهو، أو قل الاسم الحقيقى للمشروع وهو إسرائيل الكبري، بحيث تتوسع فى كافة الاتجاهات، وتسطو على أراضى بعض الدول، وتنزع منها سيادتها، وتسلب ثرواتها، وتتفشى فيها المستعمرات الاستيطانية وهو ما يتماشى مع قول ترامب إن إسرائيل صغيرة، وتحتاج أن تكبر أو تتوسع ولكن كيف لم يفصح، لكن الواقع يقول ويجيب عن السؤال فى ظل تحركات الكيان الصهيونى فى قطاع غزة، والجنوب اللبناني، والأراضى السورية التى باتت مستباحة فى ظل سيطرة الميليشيات الإرهابية التى جرى إعادة تقديمها بعمليات مكياج تعززه بمسميات الإدارة العسكرية، ثم الإدارة السياسية، لترتدى ثوب الزعامة والإصلاح، وتدخل فى فاصل من التمثيل المتدنى والخداع الفاجر، فهذه الميليشيات يستحيل أن تنتزع من عقلها الخبيث عقيدة الإرهاب والقتل والتدمير، وعدم الإيمان بالدولة والجيوش الوطنية وتعانى الآن من أمراض التناقض تعلن الجهاد المزيف والمزعوم والمدفوع ضد أوطانها وأنظمة دولها، فى الوقت الذى تغض فيه الطرف تمامًا، وتتجاهل الاستباحة الصهيونية لأراضى الوطن وحدوده، وجيشه، وشعبه، بل وتخرج لتخبرنا بأن ما تفعله إسرائيل بالتنسيق معها، وليس بيننا وبين تل أبيب أى سوء ولن تكون سوريا المحتلة أراضيها من قبل جيش الاحتلال مصدرًا لازعاج أو تهديد إسرائيل.. لذلك من الواضح أننا أمام مسرح بدائى تجرى فصوله فى المنطقة الممثلون فاشلون، لم يقنعوا المتفرجين «فطوفان الأقصي» اطلق العنان للقتل والدمار للشعب الفلسطيني، وأجهز على غزة بالكامل ولم تعد أى نوع من الحياة فى القطاع باتت مدينة اشباح، أن لم يقتل أهله بالسلاح والقصف استشهدوا بالجوع والعطش وقسوة البرد والصقيع فماذا فعلت بهم هذا «الطوفان» سوى أنه أهلك واغرق الجميع، وربما يحاولون من خلاله ابتلاع القضية والأرض، فلا إسرائيل تراجعت ولا نيرانها سكتت، بل وصلت آثار الطوفان إلى جنوب لبنان، فابتلع حزب الله، وقياداته حتى الجيل الثالث، ثم ذهب بعيدًا ما إلى سوريا، ليقضى على آخر ملامح الدولة فيها، فلم تعد الآن إلا مجرد ذكريات وليس حتى اشلاء وقدمت فريسة ولقمة سائغة لذئاب الإرهاب الذين يعملون فى حظيرة قوى الشر الدافعة والداعمة والمستفيدة، ووضعوا سوريا على طاولة الجزار، ليقطِّع أوصالها ويفرقوها فيما بينهم، شمالاً وجنوبًا، وما كان بعيدًا قبل أيام بات قريبًا وفى المتناول فالثروات والمقدرات السورية باتت غنيمة مثل الكعكة التى تقسم على اطباق الخيانة من الجميع حتى نظام الأسد، خان وباع، أن لم يكن بالاستسلام فالغباء هو أصل خيانة نظام الأسد الذى لم يع الدرس، ولم يقرأ بنود المؤامرة ولم يكلف نفسه ان يجمع شعبه تحت راية الوطن، لا فرق فيه بين شيعى أو سنى أو كردى أو درزى أو مسيحى أو علوي.. لم يقل لشعبه أن سوريا ملك لأبنائها جميعًا بل راح يفتح النوافذ والأبواب أمام أعداء سوريا وأدواتهم.
«طوفان الأقصي» أدخل السوريين فى غيبوبة أو قل نشوة الفرح لسقوط بشار لكن سرعان ما تأتى اليقظة على كابوس سيدرك السوريون أنهم سقطوا فى حفرة عميقة، والرحلة شاقة لعودته حيث تتطلب كفاحًا ونضالاً وتضحيات جسامًا حتى يطردوا الذئاب واللئام، فسوريا لن تكون قريبًا أرضًا للسلام، أو الرخاء أو البناء ولكن مركزًا وبؤرة وقبلة للمطاريد وجحافل الإرهاب، وجيوش قوى الشر الجرارة التى تخدم الكيان الصهيوني، وأهداف الأمريكان وقف اطلاق النار فى لبنان، لا يبشر بخير.. إسرائيل لم تلتزم لحظة، تعيث فى لبنان خرقًا وانتهاكًا وأحيانًا قتلاً ورغم نداءات قوات حفظ السلام «اليونيفل» ولكن الاطراف الضامنة للاتفاق لا تسمع ولا تري، والإسرائيليون يعلنون أنهم باقون فى الجنوب اللبنانى لأكثر من 60 يومًا على عكس الاتفاق، وربما سنوات، وهو يشير إلى أن الحرب لا محالة قادمة، وأن الطرفين فى حالة استعداد وتجهيز فالإغراءات الأخيرة وأحداث سوريا أصابت تل أبيب بالجنون وفلسطين لا تجد من يبحث عنها ويدافع عن حقوق الشعب المشروعة إلا مصر العظيمة بمواقف لم تتغير وثوابت لم تتزحزح مهما حدث من أهوال فى المنطقة، فمصر لا تخاف ولا تخشى ومازالت تقول وتؤكد لا تصفية للقضية الفلسطينية، ولا تهجير لسكان قطاع غزة، ورفض قطاع وحاسم لإجبارهم على النزوح إلى حدود الدول المجاورة فى مصر والاردن، والقاهرة أكدت أن المساس بحدود مصر خط أحمر ومحاولات التوطين ستواجه بحسم وحزم وأنه لن يحدث.
إن كل ما يستهدف مصر من ضغوط وابتزاز واشعال الحرائق فى كافة الاتجاهات الاستراتيجية والحملات الضارية والمتواصلة لإطلاق الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه والتحريض ومحاولات بائسة وفاشلة أن مصر دولة عظيمة وشريفة، أرضها مقدسة، وقيادتها السياسية من ظهر هذا الوطن تتمتع بأعلى درجات الاخلاص والشرف والانتماء رفضت التفريط فى حبة رمل واحدة من سيناء، وقالت بصوت واضح «يا تبقى سيناء مصرية.. يا نموت على أرضها» لذلك على المصريين أن يدركوا أن كل ما يحدث ويستهدف مصر أنها تقف فى وجه المؤامرة وترفض التفريط فى سيناء أو تصفية القضية الفلسطينية مصر تتحدى قوى الشر، وترفض أن تركع ولا قدر الله لو وافقت أو غضت الطرف كل أزماتها ومشاكلها سوف تنتهي، لكن الشرف والأرض المصرية أغلى من أرواحنا فالأرض، عرض وشرف، والمصريون يموتون من أجل أرضهم وشرفهم.. تحية للقائد العظيم عبدالفتاح السيسى.
تحيا مصر