بقلم: الدكتور القس بطرس فلتاؤوس، رئيس مجمع الكنائس المعمدانية الكتابية في مصر
مع بداية عام جديد يحمل رقم 2025، نتوقف أمام محطة جديدة من الزمن لنستعرض الماضي ونستشرف المستقبل. إنها لحظة للتأمل العميق، حيث يدعونا الله لنفحص قلوبنا وأرواحنا، لنرى أين كنا وإلى أين نحن ذاهبون. في كل بداية جديدة، يمنحنا الله فرصة ثمينة لتجديد عهودنا معه، ونيل قوة جديدة من روحه القدوس، لننطلق في حياتنا بمعرفة أعمق وإيمان أقوى.
أمنيات للبشرية: دعوة للسلام والمحبة
يعيش عالمنا اليوم في اضطراب مستمر، مع انتشار الحروب والصراعات والتحديات التي تواجه الإنسانية مثل الفقر والظلم والتغير المناخي والأمراض. في هذا الإطار، تبقى دعوة الله إلى السلام والمحبة هي الشعاع الذي ينير الطريق أمامنا جميعًا.
كل سنة جديدة تمنح البشرية فرصة لإعادة النظر في تصرفاتها وسلوكياتها. إنها دعوة لكل فرد وكل مجتمع للتخلص من الكراهية والضغائن، والعمل معًا لبناء عالم أفضل. فالسلام الحقيقي ليس مجرد غياب الحروب، بل هو حالة قلب مملوءة بمحبة الآخرين واحترام اختلافاتهم.
قال الرب يسوع: “طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون” (مت 5: 9).
فليكن هذا العام دعوة لصنع السلام الذي ينبع من محبة حقيقية، لا تعتمد فقط على الاتفاقيات السياسية، بل تنطلق من تغيير القلوب وتجديد الأرواح.
أمنيات لكل مسيحي: أن نكون نور العالم
كمسيحيين، نحن نحمل مسؤولية عظيمة أمام العالم، وهي أن نكون نورًا يشع في وسط الظلام. فالعالم بحاجة إلى الشهادة الحقيقية لمحبة المسيح التي غيرت حياتنا، وإلى رؤية الإنجيل الحي في تصرفاتنا وأفعالنا اليومية.
يقول الكتاب المقدس: “أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل” (مت 5: 14).
السنة الجديدة هي فرصة لكل مسيحي ليجدد عهده مع المسيح. إنها دعوة لنكون مثالًا حيًا في الصلاة والخدمة، وفي نشر رسالة الإنجيل بالقول والفعل. علينا أن نسعى لنكون مصدر فرح وسلام لكل من حولنا، وأن نكرّس حياتنا لنشر النور الذي يبدد الظلام.
أمنياتي للكنيسة المصرية: منارة للإيمان والأمل
الكنيسة المصرية، بتاريخها العريق وشهدائها الأبرار، هي شهادة حية على الإيمان الثابت والصمود في وجه التحديات. ومع كل عام جديد، يزداد دور الكنيسة أهمية كمصدر محبة وسلام للمجتمع.
قال الرب: “أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” (مت 16: 18).
في هذه السنة الجديدة، أدعو الكنيسة المصرية إلى مواصلة دورها كمنارة مضيئة في قلب الأمة، تعمل على تعزيز الوحدة بين الطوائف، وتقديم الدعم للفقراء والمحتاجين، وإظهار محبة الله من خلال أفعال ملموسة تعكس تعاليم المسيح.
إن الكنيسة ليست فقط مكانًا للصلاة، بل هي أيضًا رسالة رجاء، تحمل للعالم أملًا جديدًا بأن الخير سيغلب الشر، وأن المحبة أقوى من الكراهية.
أمنياتي للكنائس المعمدانية الكتابية في مصر: تجديد الإيمان والخدمة
الكنائس المعمدانية الكتابية في مصر لها تاريخ طويل من الإخلاص لكلمة الله وخدمة المجتمع. ومع بداية هذا العام، نحن مدعوون لتجديد التزامنا بنشر كلمة الله وتعميق إيماننا الشخصي والعمل معًا بوحدة المحبة.
قال الرب يسوع: “فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس” (مت 28: 19).
في السنة الجديدة، يجب أن نسعى لتعزيز خدمتنا، وخاصة في مجالات دعم الشباب، ومضاعفة الجهود لنشر الإنجيل، وزيادة تفاعلنا مع المجتمع المحيط.
علينا أن نكون صوتًا للحقيقة في عالم يضج بالأصوات المتضاربة، وأن نقدم مثالًا حيًا عن النعمة التي تعمل في حياتنا. فالكنائس المعمدانية الكتابية مدعوة لتكون شاهدة على محبة الله، ورافعة لراية الإيمان القائم على الكتاب المقدس.
ختام التأمل: عام جديد من البركة والرجاء
في نهاية هذا التأمل، نتوجه إلى الله بصلاة عميقة، طالبين منه أن يبارك عامنا الجديد، ويجعله مليئًا بالسلام والمحبة والبركات.
فلنبدأ هذا العام بتواضع وشكر، متمسكين بوعد الرب الذي قال: “في كل طرقك اعرفه وهو يقوّم سبلك” (أم 3: 6).
دعونا نسير في هذه السنة بروح مليئة بالأمل والإيمان، متطلعين إلى غدٍ أفضل تحت قيادة الله ونعمته.
عام جديد مبارك للجميع، مليء بمحبة الله ونعمة المسيح.