أكد اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، أن تسوية الأزمة اليمنية أمر بالغ التعقيد ويستحيل تحقيقه دون تعاون مباشر مع الحوثيين وإيران، مشدداً على أهمية الاعتراف بالقوى الفاعلة على الأرض لضمان نجاح أي حل سياسي مستدام. وأوضح أن تجاهل هذه الأطراف يساهم في إطالة أمد الصراع، مما يضر بمصالح الأمن الإقليمي والدولي، خاصة في ظل التهديدات التي تتعرض لها الممرات المائية الحيوية مثل البحر الأحمر وقناة السويس.
استند اللواء رشاد إلى تجربته العسكرية الثرية التي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث شارك في الحرب اليمنية لمدة 18 شهراً. وبيّن رشاد أنه خدم في مواقع استراتيجية على الحدود اليمنية السعودية، مشيراً إلى العمليات العسكرية التي شارك فيها قائلاً:
“خلال خدمتي، بدأنا تحركنا من الحديدة نحو صنعاء، حيث نجحنا في فك حصار المدينة، ثم واصلنا تقدمنا لفتح محور رايدة، الذي كان مغلقاً من قبل القبائل، ومنها اتجهنا نحو الحرف في اتجاه صعدة. استقرينا أخيراً في منطقة الجبل الأسود، وهي أعلى قمة في شمال اليمن، قرب الحدود السعودية”.
وسلط رشاد الضوء على الطبيعة الجغرافية المعقدة لشمال اليمن، حيث أوضح أن هذه التضاريس الوعرة تمنح الحوثيين حصانة طبيعية ضد الضربات الجوية، مما يجعلهم قوة قتالية يصعب استهدافها بسهولة. وقال رشاد: “هذه الطبيعة تعزز من قدرات الحوثيين العسكرية وتجعلهم أكثر قدرة على الصمود في وجه العمليات العسكرية”.
وفي تناوله للجوانب السياسية والعسكرية للأزمة، أكد اللواء رشاد أن هناك “ارتباطاً عضوياً” بين الحوثيين وإيران، مشيراً إلى أن الدعم العسكري واللوجستي الذي تقدمه طهران للحوثيين يمنحهم قوة إضافية على الأرض.
وقال رشاد: “إيران لا تقدم للحوثيين الدعم العسكري فقط، بل تمتد علاقتها بهم إلى التوجيه الاستراتيجي، مما يجعلها لاعباً أساسياً في الصراع اليمني. لذلك، لا يمكن تجاهل دورها في أي تسوية سياسية مستقبلية”.
وأشار رشاد إلى أن الهجمات الحوثية على السفن العابرة في البحر الأحمر والممرات المائية الأخرى تمثل تهديداً كبيراً للملاحة الدولية، مما يجعل من الضروري إدماج الحوثيين كطرف أساسي في أي مبادرة سياسية تهدف إلى حل الأزمة.
وأضاف اللواء رشاد أن أي أفق سياسي لحل الأزمة اليمنية يجب أن يُعرض على إيران لضمان قبولها به، موضحاً أن تجاهل دور إيران لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد.
وأكد قائلاً: “إن تجاوز إيران أو تجاهل مصالحها في اليمن يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم ملموس في مسار الحل السياسي. إيران تمتلك تأثيراً كبيراً على الحوثيين، وأي اتفاق لا يحظى بموافقتها لن يُكتب له النجاح”.
اختتم اللواء رشاد حديثه برسالة حاسمة، مفادها أن التعاون المباشر مع الحوثيين وإيران يمثل الخيار الوحيد القادر على تحقيق تقدم في تسوية الأزمة اليمنية. ودعا إلى إعادة تقييم السياسات المتبعة حالياً، مشدداً على ضرورة التعامل بواقعية مع الحقائق الميدانية والسياسية لضمان مستقبل مستقر لليمن والمنطقة.