متابعات ـ هاني فريد
كان عام 2024 مليئا بالإنجازات على مختلف المستويات بقطاع الآثار، الأمر الذي يعكس اهتمام القيادة السياسية والحكومة بهذا القطاع المهم.
وكان العمل داخل هذا القطاع خلال العام الماضي أشبه بخلية نحل لا يتوقف فيها العمل ليوم واحد، فمن اكتشافات أثرية متتالية إلى تطوير لمنظومة العمل في المواقع الأثرية والمتاحف والاتجاه بقوة نحو الرقمنة مرورا بترميم وصيانة العديد من المواقع الأثرية، بالإضافة إلى التعاون مع عدد من دول العالم في مجالات شتى مثل الترميم والمؤتمرات الدولية وبعثات التنقيب المشتركة والمعارض التي تقام بالخارج.
اكتشافات أثرية
شهد العام 2024 عدة اكتشافات أثرية مهمة من مختلف العصور، كان من أبرزها نجاح البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة والعاملة في محيط ضريح الأغاخان غرب أسوان، في الكشف عن عدد من المقابر العائلية التي لم تكن معروفة من قبل والتي ترجع للعصور المتأخرة واليونانية الرومانية.
كما كشفت البعثة الأثرية المصرية الفرنسية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار، ممثلا في إدارة الآثار الغارقة، وجامعة بول فاليري مونبلييه برئاسة الدكتور كريس كراسيون من الجانب الفرنسي، عدداً من اللوحات والنقوش والصور المصغرة في أسوان لملوك كل من أمنحتب الثالث وتحتمس الرابع وبسماتيك الثاني وإبريس.
ونجحت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، في الكشف عن 63 مقبرة من الطوب اللبن وبعض الدفنات البسيطة بداخلها مجموعة من الرقائق الذهبية من الأسرة السادسة والعشرين من العصر المتأخر بدمياط الجديدة.
كما اكتشفت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار برئاسة الدكتور أحمد سعيد الخرادلي، مجموعة من الوحدات المعمارية من الطوب اللبن لثكنات عسكرية للجنود ومخازن للأسلحة والطعام والمواد الغذائية من عصر الدولة الحديثة، وذلك أثناء أعمال الحفائر الأثرية بمنطقة آثار تل الأبقعين بمركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة، كما تم الكشف عن العديد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود.
البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة بين المجلس الأعلى للأثار وجامعة توبنجن الألمانية هي الأخرى كشفت صرحا كاملا لمعبد بطلمي وذلك أثناء أعمال البعثة بالناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير بمحافظة سوهاج.
كما تم تطوير العديد من المواقع الأثرية من أبرزها بيمارستان المؤيد شيخ بسوق السلاح بالقاهرة الذي يعد أقدم مستشفى في القاهرة الفاطمية.
تولي وزارة السياحة والآثار اهتماما كبيرا بالرقمنة والتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والمحاكاة، وفي هذا الإطار تم خلال العام الماضي إطلاق مشروع “Instagram Project Revival”بالتعاون مع شركة ميتا العالمية، والذي يهدف إلى عمل محاكاة افتراضية عن طريق استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي، لإظهار الشكل الأصلي الذي كانت تبدو عليه عدد من القطع الأثرية المعروضة بالمتحف المصري بالتحرير، التي جرى اختيارها بعناية لتنفيذ المشروع، لتعكس الحقب التاريخية المختلفة للحضارة المصرية العريقة، ولتبدو كما صنعها المصري القديم منذ آلاف السنين، وذلك ليتمكن الزائرون من رؤيتها كاملة وكأنها في حالتها الأصلية، من خلال استخدام تطبيقات معينة بالهواتف الذكية أثناء زيارتهم للمتحف.
كما انتهت وزارة السياحة والآثار من تطبيق منظومة الحجز الإلكتروني للتذاكر والبوابات الرقمية في أكثر من 100 موقع أثري بمختلف أنحاء الجمهورية، موزعة على محافظات القاهرة، والجيزة والإسماعيلية، والإسكندرية، وبني سويف، والمنيا، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، وجنوب سيناء، ويتاح شراء تذاكر هذه المواقع من خلال منافذ بيع التذاكر الموجودة عند بوابات الدخول وكذلك عبر الموقع الرسمي للوزارة.
وفي عام 2024 أيضا أطلقت وزارة السياحة والآثار مشروع “نظام المعلومات المركزي لوزارة السياحة والآثار: مشروع توثيق البيانات والتدريب وتقييم الاحتياجات” والممول من منحة تنفيذ اتفاقية الممتلكات الثقافية (CIPAIG) من الحكومة الأمريكية.
كما وَقع الدكتور محمد اسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتورة فريدريكا زايفريد مدير المتحف المصري ببرلين، مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للآثار ومؤسسة التراث الثقافي البروسي ببرلين (SPK) لإعادة اكتشاف المخطوطات والبرديات الأثرية في متاحف الآثار في مصر، باستخدام التصوير المقطعي وبالتعاون مع الأكاديمية المصرية للبحث العلمي والتكنولوجيا.
استرداد الآثار المهربة
تبذل الدولة المصرية ممثلة في وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع وزارة الخارجية والنائب العام جهودا كبيرة في مجال استرداد الآثار المهربة للخارج، حيث نجحت منذ عام 2014 في استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية مهربة.
وخلال عام 2024 تسلمت السفارة المصرية في لاهاي بهولندا تمثالا من الأوشابتي، وجزءا من تابوت ملون، ورأس مومياء من العصر المتأخر والتي أَثبتت التحقيقات خروجها من مصر بطريقة غير شرعية نتيجة الحفر خلسة وليس من أي متحف أو مخزن أو موقع أثري.
كما تم أيضا استرداد ثلاث قطع أثرية من ألمانيا، حيث قام وفد من قطاع الثقافة والإعلام بوزارة الخارجية الألمانية بتسليم هذه القطع للسفارة المصرية ببرلين.
معارض خارجية
شهد عام 2024 افتتاح معرض رمسيس وذهب الفراعنة بقاعة بمدينة كولون بألمانيا الذي زاره الآلاف لمشاهدة بعض كنوز الملك رمسيس الثاني في خامس محطات المعرض بعد زيارة مدن كل من هيوستن وسان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، وباريس بفرنسا، وسيدني في استراليا.
ويضم معرض “رمسيس وذهب الفراعنة” 180 قطعة أثرية تم اختيارها من مقتنيات المتحف المصري بالتحرير من عصر الملك “رمسيس الثاني” بالإضافة إلى تابوت الملك رمسيس الثاني من المتحف القومي للحضارة المصرية وبعض القطع الأثرية الأخرى من مكتشفات البعثة المصرية بمنطقة البوباسطيون بسقارة، بالإضافة إلى مقتنيات عدد من المتاحف المصرية الأخرى تُبرز بعض الخصائص المميزة للحضارة المصرية القديمة من عصر الدولة الوسطى وحتى العصر المتأخر، من خلال مجموعة من التماثيل، والحلي، وأدوات التجميل، واللوحات، والكتل الحجرية المزينة بالنقوش، بالإضافة إلى بعض التوابيت الخشبية الملونة.
كما افتتح الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار خلال 2024 معرض “قمة الهرم: حضارة مصر القديمة” بمتحف شنغهاي القومي بمدينة شنغهاي بالصين الذي يضم (787) قطعة أثرية تم اختيارها بعناية من مقتنيات عدد من متاحف الآثار المصرية العريقة لتبرز عظمة الحضارة المصرية القديمة منذ نشأتها من فترة نقادة وعصور بداية الأسرات وحتي الدولة الحديثة، ويستمر المعرض حتى شهر أغسطس 2025.
المتحف المصري الكبير
ينتظر المصريون والعالم بأسره افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يعد صرحا غير مسبوق محليا وعالميا في مجال المتاحف.
وشهد العام الماضي التشغيل التجريبي للمتحف حيث يستقبل 4 آلاف زائر يوميا بحد أقصى، بهدف تقييم جاهزية كافة مرافق المتحف من قاعات أثرية وخدمات سياحية ومواقف سيارات وخلافه لاستقبال الجمهور، وتحديد أى نقاط تحتاج إلى تحسين، قبل الافتتاح الرسمي.
ويشمل التشغيل التجريبي بالمتحف، 12 قاعة عرض رئيسية للمرة الأولى، بإجمالي قطع أثرية تبلغ 24 ألف قطعة، تقع على مساحة تقدر بحوالى 6 أفدنة، بخلاف ما تم تشغيله بالفعل.
وتشمل الآثار المعروضة في المتحف المصري الكبير، قطعا أثرية من عصر ما قبل الأسرات إلى العصر اليوناني الروماني، طبقًا لسيناريو عرض متحفي يروي 3 موضوعات رئيسية عن الحضارة المصرية القديمة وهي الملكية والمجتمع والمعتقدات.