في حادثة جديدة تبرز الوجه القبيح للتطرف والإرهاب، أقدمت مجموعة إرهابية على إحراق شجرة عيد الميلاد في إحدى المناطق السورية، في جريمة صدمت العالم وأثارت غضباً واسعاً. هذه الحادثة التي نفذتها جماعة مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي تُمثل استهدافاً واضحاً للتعايش السلمي وضرباً لقيم التسامح والحرية الدينية التي تحاول سوريا المحافظة عليها رغم كل التحديات.
من المسؤول عن الجريمة؟
أظهرت التقارير أن أحمد الشرع، زعيم تنظيم داعش في سوريا، هو المتهم الاول في هذه العملية البشعة. الشرع، الذي يُوصف بأنه أحد أكثر الشخصيات تطرفاً في التنظيم، استطاع أن يعيد تشكيل هيكل داعش في سوريا بعد سلسلة من الدعم غير المعلن الذي حصل عليه من قوى خارجية، أبرزها إسرائيل.
إن ما يجعل هذا الادعاء أكثر إثارة هو حقيقة أن إسرائيل ساهمت، بحسب تقارير دولية وإقليمية، في تمكين جماعات مسلحة متطرفة لتحقيق مصالحها في المنطقة، وخاصة بعد انهيار نظام الرئيس بشار الأسد. إن دعم هذه الجماعات مكّنها من السيطرة على مناطق واسعة من سوريا، لتصبح مصدر تهديد كبير للسوريين، مسلمين ومسيحيين على حد سواء.
محاولة تبرئة النفس ورمي التهم على الآخرين
بعد تصاعد الغضب الشعبي والإدانة الدولية لهذا الفعل الشنيع، ظهر أحد عناصر تنظيم داعش في مقطع فيديو، محاولاً إنكار مسؤولية التنظيم عن الحادثة، زاعماً أن الفاعلين ليسوا من سوريا، بل من إيران. هذه المحاولة المكشوفة جاءت في إطار استراتيجية التنظيم لتأليب الرأي العام السوري والدولي ضد إيران، وهو ما يُعد جزءاً من لعبة التلاعب السياسي التي تتقنها هذه الجماعات الإرهابية.
رسائل الجريمة ومعانيها
إحراق شجرة عيد الميلاد يحمل رسائل متعددة:
1. ضرب الوحدة الوطنية: تسعى الجماعات المتطرفة إلى إشعال الفتنة الطائفية واستهداف الرموز الدينية، بهدف تمزيق النسيج الاجتماعي السوري.
2. إرهاب الأقليات: يُعتبر المسيحيون في سوريا جزءاً أصيلاً من المجتمع، واستهدافهم بمثل هذه الأعمال يهدف إلى زرع الخوف وإجبارهم على الهجرة أو الانعزال.
3. إثبات النفوذ: تسعى داعش من خلال هذا النوع من الجرائم إلى إثبات وجودها وقوتها بعد الخسائر التي مُنيت بها على مدار السنوات الماضية.
الموقف الدولي والعربي
أثارت الجريمة استنكاراً واسعاً من مختلف الجهات. فقد أصدرت العديد من الدول والمنظمات الدولية بيانات إدانة، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة. كما أكدت الكنائس في سوريا وخارجها تضامنها مع أبناء الشعب السوري، ودعت إلى ضرورة تعزيز قيم التسامح والمحبة في مواجهة الكراهية.
أما على المستوى العربي، فقد دعا الكثيرون إلى ضرورة اتخاذ مواقف حازمة ضد الدول أو الجهات التي تقدم دعماً غير مباشر لهذه الجماعات المتطرفة، مشددين على أهمية الحفاظ على استقرار سوريا وحماية حقوق جميع مكوناتها.
الخلاصة: مواجهة الظلام بالتنوير
إن إحراق شجرة عيد الميلاد في سوريا ليس مجرد عمل إرهابي عابر، بل هو حلقة في سلسلة طويلة من الجرائم التي تسعى لزعزعة استقرار البلاد وتقويض قيم التعايش السلمي. ولكن سوريا، التي تحملت الكثير من الأزمات، أثبتت قدرتها على الصمود في وجه الإرهاب.
هذا العمل الجبان لن ينجح في زرع الفرقة بين السوريين، بل سيزيد من إصرارهم على مواجهة الإرهاب بكل أشكاله، وتجديد التمسك بقيم التعايش والوحدة الوطنية.