قال مدحت الشريف، استشاري الاقتصاد السياسي وسياسات الأمن القومي ووكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان السابق، إن المرحلة الراهنة تتطلب قرارات اقتصادية مدروسة ووعيًا سياسيًا عميقًا بمخاطر الأزمات المتعددة التي تواجهها البلاد. وفي تعليق حول المقترح البرلماني بفرض رسوم على المصريين في الخارج، أكد الشريف أن هذا الإجراء يعد غير منطقي وغير مقبول على الإطلاق، إذ يظهر غياب الوعي السياسي والاقتصادي. وأشار إلى أن مثل هذه الفرضية قد تؤدي إلى تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي شهدت زيادة بنسبة 42% خلال الأشهر الماضية، كما تفتح الباب أمام عودة السوق السوداء للعملات، مما يفاقم الوضع الاقتصادي بدلاً من تحسينه.
وفي سياق الحديث عن المشروعات الحكومية، أوضح الشريف أن مجلس الوزراء كان قد أصدر قرارًا بترشيد المشروعات التي تُدرج ضمن الموازنة الاستثمارية، إلا أنه استثنى عددًا من المشروعات القومية التي بدأت الحكومة بالفعل في تنفيذها وضخت فيها مبالغ مالية ضخمة. وانتقد الشريف هذا النهج، مشيرًا إلى أن التوجه السياسي يبدو غالبًا على القرارات الاقتصادية في هذه المرحلة. وأكد أن المنطق الاقتصادي يفرض تأجيل جميع المشروعات التي لا تحمل قيمة أو عائدًا اقتصاديًا حقيقيًا على المدى القصير، واستئنافها فقط بعد تجاوز الأزمة الحالية.
وأضاف أن الدولة تواجه التزامات دولارية ضخمة تصل إلى ما بين 35 و39 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من ديسمبر الجاري وحتى نهاية عام 2025، لتغطية أقساط القروض وفوائد الديون، بما في ذلك الأموال الساخنة. وأوضح أن الدولة لا تملك مصادر دولارية مضمونة لتلبية هذه الالتزامات، ما يضع الاقتصاد تحت ضغط كبير ويفرض الحاجة إلى قرارات أكثر حذرًا.
وعن الوضع الإقليمي، حذر الشريف من استغلال بعض القوى الدولية والإقليمية للأزمة الاقتصادية في مصر للضغط عليها. وأشار إلى أن وجود إدارة ترامب سابقًا شكل نقطة قوة لإسرائيل، التي قد تستغل هذه الإدارة أو مشابهتها في المستقبل لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على مصر. وأكد أن الجيش المصري قوي ويُحسب له ألف حساب، إلا أن الاقتصاد يمثل حاليًا نقطة الضعف التي يمكن أن تستغلها هذه الأطراف.
واختتم الشريف حديثه بالتأكيد على ضرورة مواجهة التحديات الحالية بتضافر الجهود الوطنية للحيلولة دون الوصول إلى مرحلة تهدد الأمن والسلم المجتمعي. وشدد على أهمية اتخاذ قرارات تراعي الفئات الأكثر احتياجًا ومحدودي الدخل، الذين يعانون بشكل كبير من آثار برنامج صندوق النقد الدولي. كما أشار إلى أن أعداد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر والفقر المدقع تتزايد بوتيرة مقلقة، ما يتطلب من الدولة العمل على تقليل آثار هذه السياسات الاقتصادية على الشرائح الأكثر ضعفًا في المجتمع المصري.