في خطوة جريئة ومفعمة بالروح الفنية، أطلقت الفنانة اللبنانية دوللي شاهين أغنيتها الجديدة “روح زورن” احتفالًا بأعياد الميلاد المجيدة. هذه الأغنية ليست مجرد إعادة أداء لعمل سبق أن قدمته السيدة فيروز، بل تمثل محاولة لإعادة إحياء فن خالد برؤية معاصرة تحمل بصمة دوللي الخاصة. الأغنية، التي كتب كلماتها الشاعر الكبير جوزيف حرب واستندت إلى ألحان فولكلورية تعكس عبق التراث اللبناني، حظيت بتوزيع موسيقي متقن من أحمد عبد العزيز. التوزيع الجديد أعطى الأغنية نكهة متجددة، حيث استطاع أحمد عبد العزيز أن يخلق تناغمًا بين الأصالة والحداثة، مانحًا المستمع تجربة موسيقية تستحق التقدير.
دوللي شاهين اختارت في هذا العمل أن تعتمد على إحساسها العالي وخامة صوتها الفريدة، بعيدًا عن محاولات تقليد الأداء الأصلي للسيدة فيروز. هذه الجرأة الفنية لم تكن مجرد محاولة لإثبات الذات، بل جاءت من رغبة واضحة لدى دوللي في إبراز هويتها الفنية بأسلوب يتناسب مع ذوق الجمهور العصري. ما قدمته في هذه الأغنية يمكن اعتباره نقطة تحول في مسيرتها الفنية، حيث استطاعت أن تضيف بُعدًا جديدًا للأغنية الكلاسيكية دون أن تمس قدسيتها. كانت رسالتها واضحة: يمكن للتراث أن يُعاد تقديمه بروح جديدة، ولكن دون أن يفقد قيمته الأصلية.
من الواضح أن دوللي شاهين تسعى من خلال هذا العمل إلى محاكاة أبناء وطنها من عمالقة الفن اللبناني، وعلى رأسهم السيدة فيروز، التي حفرت أغانيها في سجل التاريخ الفني العربي. ورغم أن فيروز تُعد رمزًا للأصالة والرقي، إلا أن دوللي شاهين، بخطوة محسوبة ومدروسة، أعادت تقديم هذا العمل التراثي بأسلوب يعبر عن شخصيتها الفنية، وكأنها تقول: “التراث ليس فقط للتأمل، بل يمكن أن يصبح جزءًا من الحاضر”. هذه المحاولة الجريئة تجعلنا نرى دوللي شاهين ليست فقط فنانة تؤدي، بل فنانة تحمل رؤية وتجدد في عالم الموسيقى.
منذ طرح الأغنية على المنصات الرقمية، حققت “روح زورن” نجاحًا جماهيريًا لافتًا. فقد تفاعل الجمهور بشكل كبير مع الأغنية، حيث أشاد الكثيرون بأداء دوللي وقدرتها على نقل الإحساس بجمال وصدق. تعليقات الإشادة التي امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي ونسب المشاهدة المرتفعة على يوتيوب تعكس مدى تأثير هذا العمل الفني على محبي الموسيقى. هذا النجاح يعكس أيضًا رغبة الجمهور في سماع أعمال تعيد إحياء التراث، ولكن بطريقة تتناسب مع العصر الحديث.
يمكن اعتبار “روح زورن” خطوة مميزة في مسيرة دوللي شاهين الفنية، حيث أثبتت أنها ليست فقط قادرة على أداء الأعمال الكلاسيكية، بل تمتلك القدرة على منحها حياة جديدة. هذه الأغنية تمثل تحية للتراث اللبناني العريق، وفي الوقت نفسه دعوة للاستمرار في تقديم أعمال فنية تجمع بين الأصالة والحداثة. دوللي شاهين، من خلال هذا العمل، أثبتت أن الفنان الحقيقي هو من يستطيع أن يُبرز هويته الخاصة، حتى وهو يعيد تقديم أعمال محفورة في ذاكرة الجمهور.
إعادة إحياء “روح زورن” ليست مجرد محاولة فنية عابرة، بل تعكس تقدير دوللي شاهين للتراث اللبناني. هي خطوة تعبر عن احترامها لجذورها الفنية ورغبتها في تقديمها بروح تتناسب مع ذوق العصر الحالي. بهذا الإبداع، أكدت دوللي أنها قادرة على خلق مساحة خاصة بها في عالم الموسيقى، حيث تجمع بين رقي التراث وجمال التجديد. هذا العمل ليس فقط تكريمًا للسيدة فيروز وللتراث اللبناني، بل أيضًا دعوة للجمهور لتقدير الفن بأبعاده المختلفة.
ختامًا، يمكن القول إن دوللي شاهين نجحت في تقديم عمل فني يليق بتراث بلدها، مؤكدة أن الموسيقى ليست فقط وسيلة للتعبير، بل هي أيضًا جسر يصل الماضي بالحاضر، ويمنح التراث استمرارية تستحق التقدير. “روح زورن” بصوت دوللي شاهين ليست مجرد أغنية، بل هي لوحة فنية أعادت صياغة التراث بروح عصرية تنبض بالإبداع.