«بابا نويل» أو «سانتا كلوز» شخصية لطيفة تظهر فى «الكريسماس»، فى هيئة رجل عجوز، عادة سمين، لحيته طويلة بيضاء تغطى صدره، يرتدى لباسًا أحمر بخط أبيض طويل فى الوسط، و«زعبوط» أحمر، وعلى ظهره كيس أحمر كبير مليان هدايا وحلويات.. لابس أحمر فى أحمر!.
قال له: يابا علمنى الرزالة، «قال له: تعالى فى الهايفة واتصدر». من قبيل الرزالة، أسئلة عبثية من عينة الاحتفال بعيد الميلاد حلال ولا حرام؟، وهل تهنئة المسيحيين بالميلاد جائزة شرعًا؟، ومنها حكم مصافحة «بابا نويل» وتلقى هداياه، ولبس بيجامة الكريسماس، وشجرة عيد الميلاد فى الصالون!.
أعلاه يدخل فى باب «البواخة المجتمعية»، ومن جهة يدخل فى باب «الفتاوى الموسمية»، وهى نوعية من الفتاوى جمعتها «دار الإفتاء» فى مجلدات موثقة.
الرزالة بمعنى البواخة أن تتكرر الأسئلة بنفس الكيفية فى نفس المواعيد، ويُرد عليها بنفس الإجابات. لا السائل يمل من السؤال، ولا الشيخ يمل من الإجابة.. فى حالة تكرار سخيفة يمكن وصفها بـ«المُمِلّة»، بالأدق «بايخة» من البواخة، والبواخة أن تأتى ما هو غير مهضوم وتستسيغه.
لا تفهم سر العداء الدفين بين السلفيين وبابا نويل، يكرهونه كراهية التحريم، ويلحّون على كراهيته. إزاء إلحاح مرضى، لا يمر رأس السنة إلا وسؤال بابا نويل حاضر. مفروض أننا تجاوزنا هذه المرحلة من «البواخة المجتمعية»، التى خلفتها المراجع السلفية التى حكمت العقل الجمعى زمنًا ماضويًّا.
فتاوى بابا نويل من مخلفات السلفية المترسبة فى قاع النهر الذى يروى العقل الجمعى، والدليل سؤال مكرور، وإجابته متكررة. سؤال «بابا نويل» بات من طقوس رأس السنة. لازم إدخال «بابا نويل» فى جملة مفيدة، واستدعاء الجار المسيحى لإثبات سماحة الإسلام.
لافت فى غالب الأسئلة المنشورة تسييد نظرية «اليد العليا»، باعتبار المسلم يهنئ، ويهدى ويتصدق، والمسيحى متلقى الهبات والنفحات والصدقات.. ومنتظر التهنئة من جاره على بسطة السلم!!.
ما تحمله الأسئلة من استجداء المواطنة، للأسف، تعبير عن حالة مرضية تلبست البعض ممن يتبضعون العطف على المسيحيين، وكأن المسيحى ينتظر تحية الصباح من المسلم، والمسلم ينتظر بدوره فتوى من شيخه، وطفل المسلم ينتظر الإذن من والده ليلعب مع صديقه المسيحى، والوالد المسلم ينتظر الإذن من إمامه، وهكذا دواليك ندور فى حلقة مفرغة.
وتهنئة المسيحيين مستحبة، وكأن المسيحيين سيؤجلون قداس الميلاد لحين يتحنن عليهم سابع جار مسلم ويُعيد عليهم، وطبعًا الجار المسلم ينتظر فتوى بجواز تهنئة النصارى!!.
متلازمة فتاوى الأعياد والمواسم الدينية باتت مرضية، تُقام على المنصات السلفية مزادات لجمع الحسنات. هل تجوز العيدية للزوجة المسيحية من قِبَل زوجها المسلم، وهل يصحبها إلى القداس؟.
ويرد مولانا، لا مُشَاحةَ فيما تقَدَّمَهُ، وَلاَ مُمَاحَكَةَ فِيهِ، إِنَّهَا وَاضِحَةٌ بَيِّنَةٌ، مُسْتَحَبٌّة، والله أعلم.
فى الحالة المجتمعية المصرية ينظرون إلى المسيحى باعتباره «مفعولًا به»، قطبًا سالبًا ينتظر العطف والحنية والصدقة والهدية، وكأن المسيحى ربنا سخّره للمسلمين ليجمعوا عليه حسنات فى الحياة الدنيا.. صدقنى لو عاوز تدخل الجنة صاحب واحد مسيحى، فى كل لفتة حسنة؛ صبّحت عليه، مسِّيت عليه، عيِّدت عليه، والحسنة بعشرة أمثالها!.