في لقاء خاص مع تلفزيون سوريا، ألقى أحمد الشرع، القائد العام لإدارة العمليات العسكرية، الضوء على أبرز محطات الثورة السورية وتحدياتها، كاشفًا عن خطط مستقبلية تهدف إلى إعادة بناء الدولة السورية على أسس حديثة تضمن الحقوق والعدالة والاستقرار المستدام. ومن خلال حديثه، تطرق الشرع إلى محاور رئيسية تتعلق بالأوضاع الاقتصادية، التدخلات الدولية، ومحاولات إعادة ترتيب المشهد السوري بما يليق بتضحيات الشعب ومعاناته.
أكد أحمد الشرع، القائد العام لإدارة العمليات العسكرية، أن دمشق عانت ظروفًا مأساوية عند تحريرها، حيث امتد الدمار ليشمل جميع النواحي، ما يعكس حجم المعاناة التي عاشها السوريون خلال سنوات النزاع.
أوضح الشرع أن رئيس النظام السابق المخلوع، بشار الأسد، أصدر تعليمات بحكم منصبه إلى حاكم المصرف المركزي لطباعة أوراق نقدية دون أي غطاء مالي، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معاناة المواطنين السوريين.
“قيادة سوريا بعقلية الدولة”
وأشار الشرع إلى أن سوريا تواجه مأساة حقيقية تتطلب خططًا مدروسة لمعالجتها. وأكد ضرورة جمع البيانات وتحليلها بشكل دقيق قبل اتخاذ خطوات عملية للتعامل مع القضايا الملحة.
وأوضح الشرع: “رغم الانتصار الذي حققته الثورة السورية، يجب الابتعاد عن قيادة سوريا بعقلية الثورة”، مشددًا على أهمية تأسيس دولة تقوم على القانون والمؤسسات لضمان استقرار مستدام.
كما أكد على ضرورة نقل العقلية من العمل الثوري إلى بناء الدولة، معتبرًا أن مستقبل سوريا يعتمد على إرساء أسس الحوكمة والعدالة.
وفي جانب آخر، أكد القائد العام أن الإدارة الجديدة “ستضع حدًا لإنتاج الكبتاغون في سوريا”، وذلك بعد أن حول النظام السابق البلاد إلى مصنع للكبتاغون، بحسب تقارير دولية، وهو ما تم الكشف عنه بعد سقوط الأسد.
إنجاز عسكري سريع بعد تخطيط طويل
وأوضح الشرع أن إسقاط النظام السوري تم خلال 11 يومًا فقط، بعد إعداد طويل استمر لسنوات. وأشار إلى أن هذا الإنجاز يعكس حجم الجهد والتخطيط المسبق الذي رافق العمليات العسكرية.
واستعرض الشرع التحديات التي واجهتها الثورة السورية، حيث شهدت نزاعات داخلية، حالة فصائلية، وتدخلات دولية من عدة أطراف، مما جعلها حالة استثنائية بين ثورات العالم. وأوضح أن هذه الظروف المعقدة حالت دون الوصول إلى حلول سياسية شاملة، مما جعل الخيار العسكري هو السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف رغم ما يحمله من تعقيدات.
ودعا الشرع إلى العمل الجاد على إعادة بناء الدولة السورية وفق أسس حديثة تضمن الحقوق والعدالة لجميع السوريين، محذرًا من الوقوع في أخطاء الماضي التي عطلت مسيرة تحقيق الاستقرار.
وأكد أن الطيران الروسي ركز بشكل كبير على استهداف الأهداف المدنية، مشيرًا إلى التخوف من تكرار سيناريو غزة في شمال سوريا، ما أدى إلى تصاعد التحديات الإنسانية.
الحجج الإسرائيلية باتت واهية
صرّح الشرع لتلفزيون سوريا أن الحجج الإسرائيلية باتت واهية ولا تبرر تجاوزاتها الأخيرة، مشيرًا إلى أن الإسرائيليين تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة.
وأكد الشرع أن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى نزاعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.
ودعا الشرع المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل وتحمل مسؤولياته تجاه هذا التصعيد، مشددًا على أهمية ضبط الأوضاع في المنطقة واحترام السيادة السورية. وأكد أن الحلول الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لضمان الأمن والاستقرار، بعيدًا عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة.
وأضاف: “الجهود المبذولة للإطاحة بالنظام السابق لم تكن فردية، بل كانت نتاجًا مشتركًا للسوريين جميعًا. نحن أدوات سخرها الله لتحقيق النصر على النظام البائد، ولكن الجهد هو جهد كل السوريين”.
التوسع الإيراني: خطر على سوريا والمنطقة
وأشار الشرع إلى أن التوسع الإيراني في المنطقة وتحويل سوريا إلى منصة لتنفيذ أجنداته شكّل خطرًا كبيرًا على البلاد وعلى دول الجوار والخليج. وأكد: “تمكنا من إنهاء الوجود الإيراني في سوريا، ولكننا لا نكنّ العداوة للشعب الإيراني؛ فمشكلتنا كانت مع السياسات التي أضرت ببلدنا”.
العلاقة مع روسيا
وأوضح الشرع أن القيادة السورية حرصت على الابتعاد عن استفزاز روسيا ومنحتها الفرصة لإعادة تقييم العلاقة مع سوريا بشكل يخدم المصالح المشتركة، مؤكدًا أن المرحلة تتطلب إدارة حذرة للعلاقات الدولية.
“النظام السابق مزرعة لا دولة”
وانتقد الشرع النظام السابق، قائلًا إنه لم يؤسس دولة حقيقية، بل تعامل مع سوريا كمزرعة لتحقيق مصالحه الشخصية. وكشف أن حجم السرقات كان هائلًا، وأن الفترة المقبلة ستشهد نشر وثائق تثبت حجم هذه السرقات وانتهاكات النظام بحق مقدرات الشعب السوري.
وأكد الشرع أن المرحلة المقبلة هي مرحلة البناء والاستقرار، حيث تتركز الجهود على إعادة الإعمار وتحسين أوضاع السوريين المعيشية. وأضاف: “أولويتنا الآن هي تلبية احتياجات الشعب الأساسية والعمل على تحقيق مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة”.