في تقرير مثير نشرته صحيفة “الأندبندنت” البريطانية، أفادت مصادر مطلعة أن رئيس جهاز المخابرات الأردني، اللواء أحمد حسني، قام باتصال عاجل مع المسؤولين السوريين، مستنكرًا ما وصفه بتساقط المدن السورية “بدون مقاومة” أمام الهجمات العنيفة من المجموعات المسلحة. خلال المكالمة، طرح حسني تساؤلات عميقة بشأن استسلام هذه المدن للعصابات الإرهابية المتشددة، متسائلًا: “كيف تسلمون هذه المدن للعصابات الجهادية التي ركبت على ظهر الثورة السورية؟” في إشارة إلى الطريقة التي استغلت بها المجموعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة، النزاع السوري لتحقيق أهدافها.
دور المخابرات الأردنية في كشف المخطط
بحسب التقرير، كانت المخابرات الأردنية من بين أولى الجهات التي اكتشفت أن نظام بشار الأسد والمخابرات السورية كانوا يسلمون الأراضي السورية إلى جماعات جهادية متطرفة، دعمها تحالف إقليمي مكون من قطر وتركيا وإيران. وأشار اللواء حسني إلى أن هذا التعاون بين النظام السوري وهذه الجماعات الجهادية لم يكن اعتباطيًا، بل كان يتم مقابل سحب شكلي للمليشيات الشيعية من بعض المناطق الحساسة وتسليمهم الأسلحة والمعسكرات لتلك الفصائل المتشددة، في خطوة تهدف إلى تعزيز وجود داعش وتوسيع نطاق سيطرته على الأراضي السورية.
هذه التطورات تطرح تساؤلات خطيرة حول الدور الذي يلعبه النظام السوري في دعم الجماعات الإرهابية، وقد تكون بمثابة جزء من مخطط طويل الأمد لتدمير المنطقة السنية بشكل عام وتحويل سوريا إلى ملاذ آمن للدواعش على غرار ما حدث في أفغانستان في التسعينات.
مخطط استهداف المنطقة السنية
وفقًا للمصادر الأردنية، فإن المخابرات الأردنية بدأت في فهم أبعاد المؤامرة التي تهدد الاستقرار الإقليمي. ففي حين أن النظام السوري قد تعاون مع الجماعات الجهادية، فإن الأمر لم يقتصر على سوريا فقط. فهناك “طبخة كبيرة” كما وصفتها المخابرات الأردنية تهدف إلى استهداف ممالك الدول السنية في المنطقة، بما في ذلك الأردن، حيث يسعى البعض إلى تحويل سوريا إلى أفغانستان جديدة، وهو ما يثير قلق الدول المجاورة.
كما أشار التقرير إلى صفقة غامضة تمت في الدوحة، تم بموجبها تهريب بشار الأسد من سوريا في اتفاق مشبوه مع بعض القوى الإقليمية. هذه الصفقة كانت بمثابة بداية لتغيير معادلة الصراع في المنطقة، حيث تم تقديم دعم غير محدود للجماعات الإرهابية التي تعيث فسادًا في الأراضي السورية.
التوقعات الأردنية بشأن التصعيد القادم
فيما يتعلق بالمستقبل، كان للمخابرات الأردنية رؤية استباقية للمخاطر المحدقة. فقد توقعت تصعيدًا أمنيًا كبيرًا يطال المملكة الأردنية من جهتين في وقت واحد. أولًا، من الحدود السورية مع الأردن عبر عصابات القاعدة التي تعمل في الشمال السوري، ومن جهة أخرى عبر العراق، حيث يمكن أن تستغل الجماعات المدعومة من إيران الوضع الإقليمي لتصعيد هجماتها ضد المملكة.
التهديدات الإقليمية وأبعادها الأمنية
هذه التطورات تشير إلى أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من الصراع المعقد، حيث تتداخل التدخلات الإقليمية مع الصراعات الداخلية، ما يجعلها أكثر خطورة وأقل قابلية للتحكم. ما هو واضح الآن أن الأردن يرى في هذه الأحداث تهديدًا مباشرًا لاستقراره وأمنه، في وقت تسعى فيه دول مثل إيران وتركيا إلى تقوية نفوذها في المنطقة على حساب الدول السنية.
هذه التطورات تفتح أبوابًا متعددة لفهم التوترات الأمنية في المنطقة، إذ يبدو أن هناك مخططًا طويل الأمد لإعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالح بعض القوى الإقليمية. وفي هذا السياق، تسعى المخابرات الأردنية إلى التصدي لهذه التهديدات بوسائل دبلوماسية واستخباراتية، في محاولة لحماية الأمن الوطني الأردني من التورط في هذا الصراع المتشابك والمعقد.