عندما تُرفع كلمة الحق من أعلى منصة القضاء، تكون رسائل العدالة أقوى من الرصاص، وأكثر تأثيرًا في مواجهة قوى الظلام والإرهاب. وهنا، يتصدر المشهد اسم المستشار حمادة الصاوي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، والنائب العام السابق، الذي يتربع على منصة القضاء بحنكة وشجاعة، ليحاكم أعتى الجماعات الإرهابية، ويكشف عن خفايا تجنيد وتزويج الفتيات المصريات لعناصر تنظيم داعش، تلك القضية التي هزت الرأي العام المصري وكشفت حجم المخطط الإرهابي لاستغلال براءة الصغيرات وتحويلهن إلى أدوات للموت.
مسيرة المستشار حمادة الصاوي: رجل القضاء الصارم
يمتلك المستشار حمادة الصاوي مسيرة حافلة بالمناصب والإنجازات التي كرّسته كواحد من أبرز رموز العدالة في مصر. تولى منصب النائب العام خلال الفترة من 2019 إلى 2023، حيث شهدت تلك الفترة تحقيقات كبرى أسقطت مخططات إرهابية وجرائم كبرى هددت الأمن القومي المصري. وانتقل بعد ذلك لرئاسة محكمة جنايات القاهرة المعروفة إعلاميا بدائرة الارهاب، ليواصل مسيرته في التصدي لقضايا الإرهاب والجريمة المنظمة.
وفي القضية الأخيرة التي شغلت مصر، برز دور المستشار حمادة الصاوي كرئيس لهيئة المحكمة، والتي ضمّت نخبة من القضاة المتميزون وهم المستشار محمد عمار ، و المستشار رأفت زكي ، والمستشار الدكتور علي عمارة.
هذه الهيئة الموقرة حكمت بالعدل وطبقت القانون في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تسعي لاختراق المجتمع المصري، وأصدرت أحكامًا حاسمة رسخت هيبة القانون كخط دفاع أول عن الوطن.
نجلاء محمود.. القصة الكاملة للسقوط في مستنقع الظلام
في واحدة من أخطر القضايا التي كشفت مخططات الجماعات الإرهابية لتجنيد الفتيات المصريات، أُدينت المتهمة نجلاء محمود، تلك السيدة التي بدت في ظاهرها مسالمة، لكنها أدارت شبكة سرية لتجنيد الفتيات القاصرات وتزويجهن لعناصر تنظيم داعش.
بدأت خيوط القصة عندما ترددت نجلاء محمود على قرى محافظة المنيا، حيث استهدفت الأسر البسيطة تحت غطاء ديني مزيّف. كانت تزرع في العقول خطابًا متطرفًا، وتستغل الفقر والحاجة لتقديم عروض زائفة لتزويج الفتيات لعناصر داعش، مدعية أن ذلك “طريق للجنة” أو “مستقبل أفضل”.
لكن ما خفي كان أعظم؛ إذ كشفت التحقيقات عن دورها في تسليم الفتيات لعناصر إرهابية، حيث يُستخدمن كزوجات لضمان الولاء أو كأدوات في تنفيذ عمليات إرهابية. كانت المتهمة تتلقى تمويلات ضخمة من التنظيم مقابل كل فتاة تجندها، لتتحول إلى حلقة وصل خطيرة بين الداخل والخارج.
بداية السقوط.. يقظة الأجهزة الأمنية
لم يمر نشاط نجلاء محمود مرور الكرام. إذ بدأت الأجهزة الأمنية برصد حالات اختفاء لفتيات من قرى مختلفة في المنيا، ما أثار الشكوك حول وجود شبكة خفية. ومن خلال مراقبة دقيقة لتحركات نجلاء واتصالاتها المشبوهة، توصلت التحقيقات إلى شبكة متكاملة تدير عمليات تمويل وتجهيز لتسليم الفتيات.
وبعد عملية أمنية محكمة، أُلقي القبض على نجلاء، وضُبطت بحوزتها أدلة دامغة، من أموال، واتصالات رقمية، وتسجيلات تؤكد تواصلها مع قيادات داعش داخل وخارج مصر.
أجواء المحاكمة.. شهادة التاريخ
داخل قاعة محكمة جنايات القاهرة بمجمع محاكم بدر، برئاسة المستشار حمادة الصاوي، كانت لحظات المحاكمة أشبه بصفحات من التاريخ تُسطر من جديد.
أدلى الشهود بتفاصيل تقشعر لها الأبدان، وقدموا شهاداتهم حول كيفية تجنيد نجلاء للفتيات واستغلال ضعف بعض الأسر لإقناعهم بزواج بناتهم من عناصر إرهابية.
عرضت النيابة العامة أدلة قاطعة شملت تسجيلات صوتية ومرئية، وأكدت أن المتهمة تورطت في تجنيد القاصرات وتزويجهن لعناصر داعش. وتلقي أموال من التنظيم لتمويل عمليات إرهابية.ونشر الفكر المتطرف في مناطق ريفية مستهدفة.
وفي لحظة انتظرها الجميع، نطق المستشار حمادة الصاوي بحكم المحكمة، وسط ترقب واهتمام كبيرين.
الحكم التاريخي
جاء الحكم ليضع نقطة النهاية لتلك القصة المظلمة بسجنها 15 عامًا للمتهمة نجلاء محمود. وإدراج اسمها على قوائم الكيانات الإرهابية.
هذا الحكم التاريخي الذي أصدرته المحكمة برئاسة المستشار حمادة الصاوي، أكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الدولة المصرية تقف بالمرصاد لكل من يحاول المساس بأمنها واستغلال أبنائها.
قضاء مصر.. درع الوطن وحامي العدالة
إن القضية ليست مجرد محاكمة لسيدة ضلت طريقها، بل هي معركة كبرى يخوضها القضاء المصري ضد قوى الظلام التي تسعى إلى تدمير المجتمعات. يقف المستشار حمادة الصاوي ومعه رموز العدالة المصرية كحصن منيع أمام تلك المخططات، ليبعثوا برسالة قوية:
لن يُسمح لأحد بأن يعبث بأمن مصر أو أن يستغل براءة أبنائها لخدمة أجندات الإرهاب.