أكد الدكتور نبيل فهمى، وزير الخارجية الأسبق، في حوار خاص أن مصر والسعودية أقوى قوتين في المنطقة وأكثر القوى القادرة على التصدى لمخططات استهداف المنطقة، وعليهما مسؤولية بطبيعة الحال أن تقود هذا التصدى، ولكى ننجح في هذا التصدى نحن وآخرون لابد من خلق توازن في علاقاتنا مع الدول، فأى طرف يعتمد على الغير أكثر من اللازم تصبح مصالحه مرهونة إلى حد ما بالغير، أعنى بذلك غير الأجنبى من خارج المنطقة أو داخل المنطقة، ولا يوجد طرف في المنطقة أساسًا من الدول العربية يستطيع أن ينعزل عن العالم.
وأضاف: من جانب عدم اعتمادى على الغير أكثر من اللازم، سأضرب مثالًا محددًا: عندما نذهب إلى مجلس الأمن وللصديق الأمريكى ونطلب منه اتخاذ موقف عادل من القضية الفلسطينية، الرد يكون عدم النجاح.. لماذا؟.. لأننا نعتمد على هذا الصديق أكثر من اللازم، في ذات الوقت لا نستطيع نحن كدول متوسطة، الانعزال عن العالم أو الانعزال عن الولايات المتحدة أو عن الصين وعن روسيا وعن الدول الكبرى، وفى حقيقة الأمرالتحدى الأكبر هو تحدٍّ إقليمى.
وتابع: نحن لن نحارب أو ننافس الدول الكبرى عالميًا، ولن ندخل اتفاقات حرب أو سلام مع تلك الدول، إذن محفلنا الأساسى هو محفل إقليمى ومن ثم لكى تكون فعالًا ويعلم الجميع أن لك خيارات أخرى لابد أن تستند مقومات اتخاذك القرار أساسًا إلى 30٪ من قدراتك الذاتية و30٪ علاقاتك الإقليمية، باعتبار أن الدول الإقليمية هي التي بينها وبينك معادلات الحرب والسلام، و30٪ علاقاتك الدولية، بمعنى بدون شك أن أهتم بالوضع الدولى وبالقانون الدولى والأمم المتحدة وروسيا وأمريكا.
إعادة التوازن للشرق الأوسط
وقال: في رأيى أن مصر والسعودية هما أكثر الدول صاحبة القدرة عربيًا أن تعيد تشكيل المفهوم السياسى العربى، وأنا هنا لا أعنى إطلاقًا التطابق في المواقف، فالتطابق في المواقف حديث نظرى.. هناك مصلحة عربية لنتفاعل مع بعضنا بعضًا ونعيد التوازن في الأمن القومى في الشرق الأوسط بين العرب وغير العرب.. العالم كان متجهًا لما يسمى بالعولمة بمعدلات سريعة وقوية جدًا، إلى أن فوجئنا بجائحة كوفيد 19، فما كان يسمى بالعولمة كاملة والاعتماد على ما يسمى «كفاءة السوق»، في المقام الأول، بمعنى الإنتاج في الخارج والاستيراد، أعيد النظر فيه بحيث تضمن أن هناك دائمًا مخزونًا استراتيجيًا لاحتياجاتك، أو القدرة على تحمل التحديات، فالاقتصاد الدولى لا يزال متجهًا نحو العولمة مع ضبط الأمور بعض الشىء لتأمين قدرة إنتاجية أو مخزون استراتيجى ذاتى لكل دولة من الدول، في المقابل مع تعدد الأقطاب السياسية هناك أقلمة للقضايا السياسية والنزاعات السياسية وللجهود الخاصة بإعادة التوازن، وهذا ما نشهده الآن.. الصراع في الشرق الأوسط الآن وإعادة التشكيل في المقام الأول إقليمى مدعوم من الدول الصناعية القديمة وبشكل خاص من الغرب، إنما هو في الأساس من أطراف إقليمية وخاصة غير العربى فيهم على حساب العربى.