كشفت صحيفة “بلومبيرغ” أن الكرملين أصدر أوامره للرئيس السوري بشار الأسد بالفرار من سوريا، في خطوة تهدف إلى إنقاذه من مصير مشابه لما حدث مع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي. جاء هذا القرار بعد التطورات الميدانية المتسارعة التي شهدتها الساحة السورية، حيث تقدمت قوات المعارضة السورية بسرعة كبيرة نحو العاصمة دمشق، ما أدى إلى انهيار الجيش السوري بشكل شبه كامل، الأمر الذي وضع مصير الأسد في أيدي روسيا، حليفه الوحيد الذي بقي له في هذه المرحلة الحرجة.
مصادر مقربة من الكرملين أكدت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طالب بتوضيح عاجل من جهاز الاستخبارات الروسي حول أسباب عدم رصد التهديدات المتزايدة التي كانت تحيط بنظام الأسد قبل أن تصبح الفرصة ضيقة جدًا. فمع تزايد التهديدات وتصاعد قوة الجماعات المسلحة، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، وهي الفرع السابق لتنظيم القاعدة، أصبح واضحًا بالنسبة لموسكو أن معركة الأسد أصبحت خاسرة. ونتيجة لهذا التقدير، قررت روسيا التدخل سريعًا لحماية حليفها الاستراتيجي، عبر تقديم عرض للرئيس السوري وعائلته بمغادرة البلاد بشكل آمن وفوري، في خطوة حاسمة أُريد منها إنقاذه من النهاية المأساوية التي واجهها القذافي.
وفقًا لما ذكره ثلاثة أشخاص مطلعين على مجريات الأحداث، فقد أُبلغ الأسد بأن المعركة أصبحت محسومة لصالح قوات المعارضة، وأن الخيار الوحيد المتبقي أمامه هو قبول العرض الروسي للخروج من سوريا. ورغم حساسية الموقف، فقد وافق الأسد على العرض تحت ضغط الظروف الميدانية المتسارعة. ووفقًا لمصدرين آخرين، فقد لعب عملاء المخابرات الروسية الدور الأكبر في ترتيب عملية هروب الأسد، حيث تم نقله جوًا عبر قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا. ومن أجل ضمان نجاح العملية بعيدًا عن أي تتبع محتمل، جرى إيقاف جهاز الإرسال والاستقبال بالطائرة التي أقلت الأسد، ليظل مسار الرحلة سرًا تامًا.
بهذه الخطوة، وضعت روسيا حدًا لحكم عائلة الأسد الذي امتد لأكثر من نصف قرن، حيث كان حافظ الأسد قد تولى رئاسة سوريا منذ عام 1971 وحتى وفاته في عام 2000، ليخلفه نجله بشار الذي واصل الحكم حتى لحظة خروجه من سوريا. التدخل الروسي السريع لإنقاذ الأسد جاء ليجنب دمشق كارثة محققة، لكنه في الوقت ذاته أفضى إلى نهاية سريعة لحكم الأسد الذي فقد السيطرة على مجريات الأمور بعد سنوات طويلة من الصراع الدموي.
وبعد ساعات قليلة من مغادرة الأسد وعائلته الأراضي السورية، تقدمت قوات المعارضة المسلحة نحو العاصمة دمشق دون أن تواجه أي مقاومة تذكر. الانهيار العسكري لنظام الأسد جاء بشكل متسارع، حيث دخل المسلحون المدينة بسهولة وأعلنوا السيطرة الكاملة عليها، ما مثّل إعلانًا رسميًا لنهاية الحرب السورية التي استمرت لما يقرب من أربعة عشر عامًا. هذه اللحظة التاريخية كشفت عن التحولات العميقة التي شهدتها سوريا خلال سنوات الحرب، والتي انتهت بإطاحة نظام ظلّ لعقود من الزمن رمزًا للسلطة في البلاد.
في النهاية، يبدو أن القرار الروسي بترتيب خروج الأسد من سوريا جاء نتيجة إدراك الكرملين أن المعركة باتت خاسرة، وأن التدخل لم يعد مجديًا للحفاظ على حكم حليفه السوري. ومع سقوط دمشق بيد المعارضة، أُغلقت صفحة من تاريخ سوريا الحديث، وبدأت مرحلة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة، لكنها بالتأكيد تحمل في طياتها تحولات جذرية في المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.