في تطور خطير يكشف عن التحديات التي تواجه الصحافة في قطاع غزة تحت سيطرة حماس، أفاد ضابط في جهاز الأمن التابع للحركة عن اعتقال الصحفي (أ.م) في جنوب القطاع بتهمة التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي. جاء هذا الاعتقال بعد بلاغ من أحد المواطنين الذي لاحظ سلوكًا مريبًا وتصرفات غير عادية للصحفي، مما دفع الجهات الأمنية إلى التحقيق معه. وفقًا للمصادر الأمنية، اعترف الصحفي بعد استجوابه بأنه كان على ارتباط مباشر مع جهاز المخابرات الإسرائيلي خلال فترة الحرب، حيث نفذ عدة مهام أمنية أسفرت عن استشهاد عدد من الفلسطينيين، بالإضافة إلى تلقيه أموالًا من المخابرات الإسرائيلية مقابل خدماته.
الصحفي المعتقل، الذي عمل سابقًا في وكالة إعلام محلية، كان قد ترك عمله فيها في وقت سابق، ليبحث عن فرص جديدة في مجال الصحافة. بعد فترة من البحث، تلقى عرضًا للعمل مع وكالة إعلام أجنبية، حيث أعد مقابلات ميدانية حول قضايا حساسة مثل أزمة المياه وسرقة المساعدات الإنسانية، وهو ما أثار شكوكًا أولية في الأمن الفلسطيني. وعندما طلبت الوكالة الأجنبية من الصحفي تصوير أفراد الأمن الفلسطينيين، سواءً المنتشرين في الشوارع أو المتواجدين في مراكز الإيواء، بدأ الصحفي في رفض التعاون، مما دفع مدير الوكالة إلى الكشف عن هويته الحقيقية كضابط في المخابرات الإسرائيلية.
وفي وقت لاحق، وبعد سلسلة من الإغراءات ووعود بالحماية من المقاومة الفلسطينية، وافق الصحفي على التعاون مع الاحتلال، واستخدم مهنته الصحفية كغطاء لجمع المعلومات ونقلها للمخابرات الإسرائيلية. وعبر هذه الأنشطة، استغل الصحفي علاقاته مع المواطنين في غزة لتجميع صور وتفاصيل عن مواقع حيوية وأشخاص مهمين. وكشفت التحقيقات أن الصحفي كان يرسل للمخابرات الإسرائيلية معلومات وصورًا حول مواقع وأفراد تم استهدافهم من قبل الاحتلال، خاصة في مدارس الإيواء التي كانت تأوي العديد من النازحين بسبب الحروب.
وتحدث الضابط الأمني في حماس عن الضرر الكبير الذي تسببت فيه هذه المعلومات التي نقلها الصحفي لصالح المخابرات الإسرائيلية، حيث ساعدت في تحديد مواقع وأهداف للهجمات، ما أدى إلى استشهاد العديد من الفلسطينيين. هذا التحرك يعد جزءًا من استراتيجية الاحتلال الإسرائيلي التي تعتمد على تجنيد أشخاص من داخل المجتمعات المحلية للعمل كجواسيس، مستغلين ظروف الحرب والصراعات لإيصال معلومات استخباراتية مهمة.
وتُعد هذه القضية مثالاً آخر على محاولات الاحتلال الإسرائيلي لاختراق الصحافة والمؤسسات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية، في سياق سعيه للحصول على معلومات حيوية حول الأنشطة العسكرية والسياسية الفلسطينية. وبينما يُعتبر الإعلام في كثير من الأحيان أداة لنقل الحقيقة، فإن استخدام الصحفيين كأدوات للتخابر يعكس تهديدًا حقيقيًا لحرية الصحافة في المناطق المتأزمة.
هذه القضية أثارت جدلاً واسعًا في المجتمع الفلسطيني حول دور الإعلام والصحافة في الصراعات السياسية والعسكرية. وقد دفعت هذا الحدث إلى تسليط الضوء على الخطر المتزايد الذي يواجهه الصحفيون في مناطق النزاع، لا سيما عندما يُستغلون في أغراض تتعارض مع مبادئ حرية الصحافة وأخلاقياتها.