متابعات ـ هاني فريد
يشهد العالم العربي في السنوات الأخيرة تغيرات متسارعة ومأساوية، أفرزت واقعًا جديدًا من الصراعات والمعاناة التي تكاد تطمس ملامح التاريخ والثقافة. ومن بيروت إلى الخرطوم، تتكرر المشاهد ذاتها من نزوح جماعي، حروب أهلية، وتدهور إنساني يفوق القدرة على الاستيعاب.
ففي لبنان، تصف الأصوات المكلومة حالة البلاد بأنها “شبه اختفاء”، بينما يتحدث السودانيون عن حربٍ أشعلتها طموحات القادة، لا حاجات الشعوب. وتتصدر القضية الفلسطينية هذا المشهد المأساوي، حيث تحولت إلى رمز مفتوح للجروح العربية. وإلى جانبها، يرزح السودان تحت وطأة حرب طاحنة منذ أكثر من عام ونصف، تحصد أرواح المدنيين وتدفع الملايين للنزوح. والمفارقة أن التضامن بين شعوب هذه المناطق بات وسيلة للتخفيف عن المعاناة المشتركة، إلا أنه في جوهره يعكس المأساة الموحدة التي تربط بين مصائر العرب.
ووسط هذا الدمار، تأتي خسائر التراث الثقافي لتعمّق الجراح. حيث المواقع التاريخية في سوريا واليمن تعرضت للتدمير أو السرقة، بينما في غزة دُمّر جامع العمر الكبير، أحد رموزها الحضارية. كما أن النزوح الجماعي أصبح السمة الغالبة. حيث آلاف العائلات السودانية واللبنانية تعيش في ظروف مؤقتة، تنتقل من مكان لآخر بحثًا عن الأمان.