إسرائيل تفتح الباب لإيران لاحتلال شمال لبنان.. وإيران تفتح الباب لإسرائيل للسيطرة على جنوبه!
في كتاب حلف المصالح المشتركة: التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، الذي أنصح به أي باحث في الشؤون الإسرائيلية أو الإيرانية، تم نشر تفاصيل مثيرة تتعلق بوجود ما يسمى بـ”قناة جنيف” بين إيران وأمريكا منذ اليوم الأول لقيام الثورة الإسلامية في إيران. المقصود هنا أن جنيف، عاصمة سويسرا، هي مقر اجتماعات دورية بين ممثلين للنظام الإيراني والإدارة الأمريكية، حيث يتم الاتفاق على جميع المسرحيات الإقليمية التي تدور منذ عام 1979 وحتى اليوم بين إيران والغرب أو إيران وإسرائيل.
إيران واستراتيجية الميليشيات
خلال سنوات ما يسمى بـ”الربيع العربي”، استخدمت إيران عدة أدوات وميليشيات لتحقيق مصالحها الإقليمية. اعتمدت بشكل أساسي على حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي، والتيار الصدري، وكتائب حزب الله في العراق، بالإضافة إلى الحرس الثوري الإيراني. في سوريا، دعمت ميليشيات مثل لواء فاطميون، الذي يتكون من شيعة أفغانستان، ولواء زينبيون، المكون من شيعة باكستان. كل هذه المجموعات شاركت في الحرب السورية ضد الميليشيات الأخرى التي تمولها دول الخليج وتركيا برعاية أمريكية وبريطانية وفرنسية، فيما سُمِّي بـ”ثورة” و”ثورة مضادة”.
هذه اللعبة أدت إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ. فالشرق السوري تحت سيطرة الأمريكيين، ومنطقة شمال وشرق سوريا تحت سيطرة الأكراد والمسيحيين السريان، بينما إدلب خاضعة للاحتلال التركي. أما الغرب السوري، فيتقاسم النفوذ فيه كل من روسيا وإيران.
نموذج سوريا يُعاد على لبنان
تشير التوقعات إلى أن السيناريو الذي طُبِّق في سوريا سيتم تطبيقه في لبنان في المستقبل القريب بمجرد اندلاع الحرب هناك. مع أول تحرك إسرائيلي نحو الجنوب اللبناني، أعلنت إيران أنها سترسل كافة الميليشيات المتطوعة للدفاع عن جنوب لبنان إلى المعركة. هذه المرة لن يقتصر الأمر على حزب الله والحرس الثوري الإيراني، بل سيشمل زينبيون وفاطميون والحشد الشعبي وحركة النجباء والتيار الصدري وعصائب أهل الحق والحوثيين. الهدف ليس فقط السيطرة على جنوب لبنان، بل تحويل شماله إلى منطقة خاضعة تماماً للنفوذ الإيراني.
تتحدث التقارير عن أن طرابلس السنية، وعكار، وبعلبك ستتحول إلى ما يشبه “دمشق الفارسية رقم 2”، مثلما تم تحويل ضواحي حي السيدة زينب في دمشق إلى ولاية فارسية بعد توطين الشيعة والإيرانيين هناك.
حرب التقسيم لا المنتصر والمهزوم
من الواضح أن هذه الحرب ليست حرباً بين منتصر ومهزوم. إنها إعادة تقسيم للنفوذ بين إيران وإسرائيل. الجنوب اللبناني سيصبح تحت السيطرة الإسرائيلية، بينما الشمال اللبناني سيقع تحت الاحتلال الإيراني. حزب الله يسيطر على الجنوب ومحافظة النبطية، بينما يتبقى للبنانيين محافظات بيروت، جبل لبنان، والبقاع.
هذا السيناريو لن يحدث إلا عبر مسرحية دموية ثمنها المقاتلون الصغار والمغفلون، في ظل مخطط يهدف إلى تفكيك لبنان الذي تأسس عام 1920، وإنهاء ما يُعرف بلبنان القرن العشرين.
حرب أهلية جديدة في الأفق
بعد سيطرة إسرائيل على الجنوب وإنشاء منطقة عازلة، ستندلع الحرب الأهلية اللبنانية الثالثة. ستكون المعركة بين ميليشيات لبنانية من جهة وميليشيات إيرانية من جهة أخرى. الموارنة والدروز، على وجه الخصوص، لن يقبلوا بهذا الغزو الإيراني تحت شعار الحرب مع إسرائيل. الميليشيات اللبنانية جاهزة بالسلاح منذ الحرب الأهلية اللبنانية الثانية (1975-1990)، مثل ميليشيات حزب الكتائب، ميليشيات سمير جعجع، وميليشيات وليد جنبلاط.
الأهداف الإقليمية من التصعيد
الهدف الغربي من إشعال الحروب في الشرق الأوسط هو ضمان استمرار النزاعات وتطبيق سياسة “فرّق تسد”. هذا النزيف الدائم يسهل للغرب نهب خيرات المنطقة، سواء الطبيعية أو البشرية، ويعرقل أي صعود لقوة إقليمية قد تواجه الغرب أو إسرائيل.
لبنان، بثرواته الضخمة، خصوصاً غاز البحر المتوسط، يشكل مطمعاً كبيراً لإسرائيل. تفجير لبنان يعني تفجير سوريا من جديد، وامتداد النيران إلى الأردن، مصر، والعراق. كما كانت حرب البحر الأحمر تهدف إلى غلق قناة السويس كجزء من خطة تطويق مصر، فإن هذه الحرب تستهدف استكمال دائرة الحصار على مصر من الشمال.