كل شىء زاد على حدّه انقلب ضده، ما زاد على حده يخلف أضرارا، خسارة مجانية، على سبيل المثال، حكم محكمة الجنايات برفع أسماء (٧١٦) من قوائم المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، نسبته دون مناسبة إلى توجيهات رئاسية.. فحسب تزيد إعلامى فى محل قضائى بحت، جد لا محل له من الإعراب السياسى، عبر عنه إعلاميا بخفة متناهية دون تبصر بالمآلات..
مثل هذا التزيد ينقض وضوء العدالة، ويحرف الأحكام عن مواضعها، ويبلبل الناس فى الطرقات، فطفق بعضهم يفكرون، يتساءلون، عن صفقة مكذوبة، ومصالحة موهومة، فرصة وسنحت للمؤلفة قلوبهم لفتن الجبهة الداخلية الصلبة المتحلقة حول القيادة السياسية فى مواجهة إخوان الشيطان.
ضبط المصطلحات ضرورة مستوجبة، وتوجيه الرئيس يخص «مبادرة العفو الرئاسى»، مبادرة نبيلة يقوم عليها مؤتمنون لتصفية ملف الشباب فى السجون، ويقوم عليها مؤتمنون فى سياق «الحوار الوطنى»، وأثمرت إفراجات معتبرة.
المبادرة العطوف محل تقدير من مختلف الأطياف السياسية، وبالقطع خلوٌ من أسماء الإرهابيين من جماعة الإخوان والتابعين، هناك ما يسمى «الحرام الوطنى» وله حدوده، وخطوطه الحمراء.
توجيه الرئيس بالعفو يبعد بمسافة كونية عن أحكام القضاء، القضاء قضاء، واستقلال القضاء قدس من أقداس العدالة، استدعاء توجيه الرئيس فى مبادرة إنسانية لها محدداتها العدلية، والخلط بين قرار محكمة مختصة ونسبتها إلى مبادرة العفو، يتجاوز «الخلط السياسى» إلى «العيب السياسى»، وأخشى يكون مقصودا للتشويش السياسى فى ظرف سياسى مفصلى دقيق.. وقد حدث!.
تنزيه الأحكام القضائية ضرورة مستوجبة، والخلط والتخليط أبلغ الضرر، وترجمة قرار المحكمة يفهم على وجه صحيح، قرار يخص واقعة بعينها، مقطوعة عن ما قبلها وما بعدها، ومن رفع اسمه فى قضية بعينها وارد تصنيفه إرهابيا فى قضية، بل وفى قضايا أخرى.
سأتوقف للتدليل عند اسم بعينه ممن شملهم قرار المحكمة بالرفع من قوائم الكيانات الإرهابية، كبرهان ودليل على ما يأفكون كذبا، ويتوهمون، ويتقولون بصفقة ومصالحة.
الإرهابى «وجدى غنيم»، وقد أثار ورود اسمه فى قرار المحكمة لغطا شديدا، وكأنه تحصل على البراءة، بل وبلغ الظن بالبعض مبلغه، بأنه صار مبرأ من التحريض على سفك دماء المصريين، بريئا كما ولدته أمه، بل وتزيد البعض بالقول، يمكنه والإرهابيون أمثاله الفارون من وجه العدالة، من شملهم قرار المحكمة بالرفع، العودة إلى البلاد، وعفا الله عما سلف.
«الحسنات يذهبن السيئات»، قاعدة لا تنسحب جنائيا على الإرهابيين أمثال «وجدى غنيم»، ليس له حسنات تذكر، لسانه زالف بالتحريض المستدام، وإذا كان رفع اسمه من القائمة السوداء، وهذا قرار قضائى بحت له حيثياته، ومستوجب احترام أحكام القضاء، ففى رقبته حكمان غيابيا بالإعدام، وترجمة هذا أنه «مطلوب»، بل أخطر المطلوبين، ورقبته حتى ساعته فى حبل المشنقة.
فى سجله القضائى (٤) أحكام غيابية بينها حكمان بالإعدام فى قضية «خلية وجدى غنيم» و«فض اعتصام رابعة العدوية»، وحكم بالمشدد بقضية «عنف الاتحادية»، والسجن (٥) سنوات فى اتهامه بالتحريض على العنف من محكمة جنح مصر الجديدة.. وكذا بقية الأسماء الإخوانية المصنفة إرهابيا.. وفى الأخير يظل الشعار مرفوعا «لا تصالح.. إنه ليس ثأرك وحدك».