أكد اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ اليوم بين حزب الله اللبناني وإسرائيل جاء بعد أكثر من عام من القتال المستمر عبر الحدود، وشهرين من الحرب المفتوحة التي شهدت مواجهات عنيفة. وأكد أن هذا الاتفاق يمثل نتيجة طبيعية للضغوط الشعبية والسياسية والدولية التي أجبرت إسرائيل على التراجع دون تحقيق أهدافها المعلنة.
فيما يتعلق بتحديد المنتصر والمهزوم في هذه الحرب، أشار اللواء رشاد إلى أن المشهد لا يظهر فائزًا واضحًا، لكنه أكد أن إسرائيل خرجت الأكثر تضررًا، سواء على المستوى العسكري أو المدني. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي، رغم تفوقه الجوي واعتماده الكبير على القنابل الأمريكية المتطورة ذات القدرة التدميرية الهائلة، لم يتمكن من ترجمة هذا التفوق إلى نجاحات ميدانية.
وأشار رشاد إلى أن حزب الله، على الرغم من الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية اللبنانية والدمار الكبير في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، كان قادرًا على الصمود والتصدي للهجمات الإسرائيلية. وأضاف قائلاً:
“ما حدث يشبه صمود حزب الله في حرب يوليو 2006، حيث تمكنت المقاومة اللبنانية من منع الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية. ورغم استخدام إسرائيل لآلة حرب غاشمة، إلا أن نتائجها على الأرض كانت محدودة للغاية.”
وفي تحليله لقدرات الجيش الإسرائيلي، شدد اللواء رشاد على أن إسرائيل تعتمد اعتمادًا كليًا على سلاح الطيران والقنابل الموجهة عالية الدقة لتحقيق التفوق، لكنه أوضح أن هذه الاستراتيجية تظل عاجزة عن حسم المعارك البرية. وأكد قائلاً:
“القوات البرية الإسرائيلية فشلت في التوغل داخل الأراضي اللبنانية، باستثناء مناطق محدودة جدًا. هذه الهزيمة البرية تمثل إشكالية استراتيجية لإسرائيل، التي تعتمد على الطيران كعنصر ردع رئيسي دون توفير منظومات برية فعالة تحقق مكاسب مستدامة.”
وأضاف أن حزب الله، رغم افتقاره إلى دفاعات جوية متطورة، نجح في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية من خلال استراتيجية عسكرية دقيقة ومهارات ميدانية أثبتت قدرتها على إلحاق الخسائر بالقوات الإسرائيلية المترجلة.
وأكد اللواء رشاد أن الضغوط الشعبية داخل إسرائيل لعبت دورًا حاسمًا في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، موضحًا أن أكثر من ثلثي الإسرائيليين أُجبروا على الاحتماء بالملاجئ نتيجة الصواريخ التي أطلقتها المقاومة اللبنانية. كما أن تهجير حوالي 60 ألف مستوطن من سكان المناطق الحدودية مع لبنان شكّل عبئًا نفسيًا وسياسيًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية، ودفعها نحو القبول بوقف القتال.
وأضاف أن استمرار الهجمات الصاروخية للمقاومة اللبنانية على المستوطنات الإسرائيلية أحدث حالة من الإرباك داخل إسرائيل، ما جعلها غير قادرة على مواصلة الحرب لفترة أطول، خاصة في ظل الضغط الشعبي المتزايد.
وحول إمكانية تطبيق اتفاق مشابه لوقف إطلاق النار في غزة، أكد اللواء محمد رشاد أن الوضع مختلف تمامًا بين الجبهتين اللبنانية والغزاوية. وأوضح قائلاً:
“لبنان يحظى بوضع دولي خاص بسبب ارتباطه الوثيق مع فرنسا والدول الناطقة بالفرنسية، التي مارست ضغوطًا كبيرة على إسرائيل للتوصل إلى هدنة. أما غزة، فهي تفتقر إلى مثل هذا الدعم الدولي القوي، وهو ما يجعل الحرب هناك مفتوحة طالما استمرت المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.”
اختتم اللواء محمد رشاد تصريحاته بالإشارة إلى أن إسرائيل، رغم تفوقها العسكري الظاهر، وجدت نفسها عاجزة عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية في لبنان. وحزب الله أثبت قدرة استثنائية على الصمود والمواجهة، ما يعزز مكانته كقوة إقليمية مقاومة.