صباح مفعم بالذكريات يا رجائي، صباح يحمل في طياته حكايات من الماضي القريب والبعيد، حكايات محفورة في القلب والوجدان. صباح يُعيد إلينا أسماءً وأشخاصًا كانوا يومًا جزءًا من مشوارنا، من رحلتنا التي جمعتنا على الحب والإخلاص.
هبة، ليلى، سامح، نجوى، عاصم، نهاد، عزت، ماري، عصام، إيمان، بهائي، منيرة، هدى، نشوى، بدر، أنور، شعبان، وأسماء كثيرة يصعب حصرها، لكنها محفورة في القلب والذاكرة. أصدقاء كانوا الحاضنة الأولى لمشوار حبنا، كانوا السند والدعم، أولئك الذين شاركونا الإيمان بأن الحب ليس مجرد شعور عابر، بل رحلة حياة تُبنى على المواقف والمشاعر الصادقة التي تُثري الروح وتُغني القلب.
رحلة مليئة بالعطاء والتواصل
مع كل ذكرى تأتي، تُشرق مواقفهم أمام عيني، أستعيد الحكايات التي صنعناها معًا. سعينا دائمًا أن نصنع السعادة، ليس فقط لأنفسنا، بل للجميع من حولنا. أسهموا في اكتمال فرحتنا، كانوا هناك من البداية، منذ أول تعارف وحتى يوم زفافنا، ولم تقتصر أواصر المحبة عند هذا الحد، بل امتدت لسنوات طويلة بعدها.
رغم تعقيدات الحياة ومشاغلها التي أخذتنا كلٌ في طريقه، لم ينقطع الود بيننا. صحيحٌ أن اللقاءات أصبحت متباعدة، لكن دفء العلاقة ظل حاضرًا دائمًا. حتى تلك المسافات الزمنية لم تكن كافية لتمحو أثر تلك الروابط العميقة التي جمعتنا.
الفنانة سعاد محمد وأثرها في حياتنا
كنت دائمًا تُحب صوت الفنانة سعاد محمد، وكان صوتها بمثابة خلفية موسيقية لعلاقتنا، يشبه روحك التي أضاءت حياتي. كنت تسمع أغانيها بشغف، ومن خلالك تعلمت تذوق جمال صوتها وإحساسها الفريد. ورغم أننا لم نحظ بفرصة لقائها وجهًا لوجه، إلا أن القدر أرسل إلينا جزءًا منها بطريقة لم نتوقعها، عبر ابنتيها: نهاد فتوح، المطربة اللبنانية، وإيمان، ابنتها المصرية التي حملت بساطةً ورقيًا في آنٍ واحد.
تعرفنا عليهما بفضل إحدى صديقاتي الصحفيات، وسرعان ما تحولت العلاقة إلى صداقة جميلة. كانت نهاد أول من أضاف لمسة موسيقية لا تُنسى في خطوبتنا، حيث غنت بصوتها العذب أجمل أغاني الحب، لترسم لحظات من الجمال والفرح. أما إيمان، فكانت صاحبة اللمسات الفنية التي أضفت على زفافنا طابعًا خاصًا.
فستان الزفاف… لمسات من الخيال
اقترحت إيمان أن يُضاف تطريز يدوي لفستان زفافي، تطريز يبرز جماله ويمنحه رونقًا فريدًا. لم تكتفِ بالاقتراح، بل رافقتني بنفسها إلى زقاق صغير في قلب القاهرة، إلى محل قديم يديره رجل عجوز يمتلك موهبة نادرة في تطريز الخرز على الأقمشة. بتأنٍ وصبر، شرحنا له ما نرغب فيه، وانتقينا معًا ألوان الخرز ورسمة التطريز. وعندما خرج الفستان من بين يديه، كان أشبه بتحفة فنية نادرة نالت إعجاب الجميع.
لكن إيمان لم تكتفِ بذلك. ذات يوم، قالت لي بابتسامة بريئة: “سأتصل بماما، الفنانة سعاد محمد، وأطلب منها أن تأتي من باريس لتغني في فرحكما.” كم كانت تلك اللحظة مؤثرة! الاقتراح كان يفوق الخيال، سعادتي وقتها لم تكن لها حدود. شكرتها كثيرًا على حبها وصدق نيتها، لكنها كانت فكرة يصعب تحقيقها بالنسبة لنا وللفنانة الكبيرة. ومع ذلك، وعدتها أنا وصديقتنا ليلى أن تكون أغاني سعاد محمد حاضرة يوم الفرح، وهو ما حدث بالفعل.
وحشتني… أغنية الحب والذكريات
كلما سمعت أغنية “وحشتني” بصوت الفنانة سعاد محمد، تُفتح أبواب الذاكرة، وأعود إلى تلك اللحظات الساحرة. كلمات الأغنية تخاطب قلبي مباشرة:
“وحشتني… عدد نجوم السما، وحشتني… عدد كلام الهوى، وحشتني في كل يوم إنما… وحشتني أكتر وأكتر وإحنا سوا.”
نوفمبر… شهر الذكريات والحكايات
ها هو نوفمبر يعود، حاملًا معه عبق الماضي الذي لا يزول. حكاياتنا مع الأصدقاء، مع الفنانة سعاد محمد، ومع كل اللحظات التي شكلت مشوار حبنا، تظل شاهدة على جمال العلاقة وصدق المشاعر.
#وحشتني_يا_رجائي
23 نوفمبر 2024
وللحديث بقية…