قرر المجلس الأعلى للجامعات العودة إلى الأسئلة المقالية اعتبارًا من امتحانات العام الدراسى الجارى ٢٠٢٤/٢٠٢٥، ما اعتبره عدد من الخبراء خطوة إيجابية وتصحيح لخطأ سابق، بالاعتماد فقط على نظام امتحانات «البابل شيت».
وأفاد: «إلحاقًا لكتابنا السابق إرساله لجامعتكم الموقرة، المتضمن قرار المجلس الأعلى للجامعات بألا يكون نظام امتحانات (الاختيار) من متعدد (البابل شيت) فى الامتحانات نظام التقييم الوحيد على مستوى المقررات التخصصية بكليات الجامعات المصرية، اعتبارًا من العام الدراسى الجارى.
وأكد الدكتور حسين خالد، وزير التعليم العالى الأسبق، تأييد قرار المجلس الأعلى للجامعات بعدم اقتصار امتحانات الجامعات، سواء للكليات العملية أو النظرية، على نظام «البابل شيت»، مشيرًا إلى أن الأسئلة المقالية شىء مهم فى تقييم الطلاب لأنها تعبر عن الفهم والتعبير معًا.
وقال «خالد» إن الأسئلة المقالية لم يتم الاستغناء عنها فى الجامعات، خاصة فى الكليات العملية والعلوم التطبيقية، مثل الطب والهندسة والصيدلة، وأن تكون فى جميع الكليات هو الأهم، مؤكدًا أن أهمية الأسئلة المقالية أنها تجعل الطالب يفكر فى المحتوى مع ترابط المقررات ما يساعد الطالب على تحقيق المذاكرة الشاملة للمقرر، عكس «البابل شيت» التى أصبحت عبارة عن أسئلة متكررة يمكن توقعها وحفظ مجموعة منها، وهناك تجارب مريرة فى هذا الأمر، منها كتيبات خاصة بالأسئلة المكررة وحفظها وحصول طلاب على أعلى الدرجات دون فهم أو وعى للمقرر.
وأشار «خالد» إلى أن الجانب العملى مهم جدًا ومرتبط بالاسئلة المقالية، موضحًا أنه بشكل عام لابد أن يُراعى فى وضع الامتحانات، سواء كانت مقالية أو «بابل شيت»، مستوى الطلاب سواء الضعيف أو الجيد أو الممتاز، على أن تشمل أغلب المقرر الدراسى، خاصة الموضوعات ذات الأولوية للتطبيق العملى بعد التخرج.
وقال الدكتور محمد كمال الجيزاوى، أستاذ مساعد القيم والأخلاق بجامعة القاهرة، إنه رغم أن الامتحانات الموضوعية تفيد فى تقييم المعرفة الأساسية والكفاءة، لكن يجب استخدامها مع أساليب تقييم متنوعة لتحقيق تقييم شامل وعادل لمهارات الطلاب. حيث توجد عيوب فى هذه النوعية من الامتحانات فى حالة تطبيقها منفردة، منها غياب التقييم الشامل، حيث تعتمد على إجابات قصيرة مباشرة أو مجرد اختيار، فلا تقيس الفهم العميق للطالب وقدرته على التحليل والإبداع.
وأشار إلى أنه يسهل توقعها ويستطيع الطلاب أحيانًا اختيار الإجابات الصحيحة بالاعتماد على التخمين، خاصة إذا كانت الخيارات محدودة، ما يؤدى إلى درجات لا تعكس مستوى الطالب الفعلى، وتجعل هذه الامتحانات الطلاب يركزون على الحفظ دون الفهم بعمق.
وأضاف «الجيزاوى»: «يصعب صياغة تصميم الأسئلة، وتتطلب إعداد أسئلة موضوعية عالية الجودة لتحقيق أهدافها، ما يتطلب وقتا وجهدا كبيرين من المعلمين للتأكد من صحة الاختيارات، وكذا تتصف هذه الامتحانات بضعف القدرة على قياس المهارات العليا للطلاب مثل التفكير الإبداعى، وإمكانية الإجابات المضللة إن لم تكن الخيارات واضحة ومصممة بدقة. كذلك الامتحانات الموضوعية يمكن أن تتسبب صياغة السؤال بشكل غير دقيق أو معقد لعدم قدرة الطالب على فهم السؤال، ما يجعله يختار إجابات خاطئة، والامتحانات الموضوعية تقل فيها القدرة على تمييز أصحاب الفروق الفردية، ولا توجد فيها مساحة للطلاب للتعبير عن أفكارهم وإبداعاتهم وتقديم رؤى مختلفة لنفس الموضوع»، موضحًا أن الدراسات أثبتت التأُثير السلبى لهذه الامتحانات على التحصيل العلمى حيث يميل الطلاب للدراسة بطريقة سطحية، ويركزون على التفاصيل دون الفهم العميق للموضوعات بشكل متكامل، مع ضعف القدرة على ربط المفاهيم أو الموضوعات المختلفة ببعضها البعض، حيث الأسئلة منفصلة غير مترابطة، والاعتماد على الاسترجاع المباشر ما يحد من قدرة الامتحان على قياس القدرة على التطبيق العملى للمعرفة أو استخدامها فى مواقف جديدة.
وأوضح أن الامتحانات الموضوعية تتصف بسهولة الغش فيها، ويكفى أن يعرف الطالب رقم الإجابة الصحيحة عكس الامتحانات المقالية حيث يكتب الإجابة كاملة.
وأشار «الجيزاوى» إلى أن بعض التخصصات يستحيل أن يعمل بها الطالب دون أن يمتلك القدرات التى لا تقيسها الامتحانات الموضوعية، مثل تخصصات العلوم الإنسانية، لذا كانت معارضتنا الشديدة لهذا النظام عند فرضه لظروف طارئة فى أزمة كورونا دون مراعاة طبيعة الامتحانات الموضوعية والمقالية، وطبيعة الدراسات المختلفة، وهو ما أثبتت الأيام صحته وخطأ المسؤولين فى هذا الوقت بإصرارهم على تطبيقه بشكل دائم على كل التخصصات، لتأتى القرارات الأخيرة من قطاع العلوم القانونية بالعودة للامتحانات الموضوعية، وقرار المجلس الأعلى للجامعات بالسماح بالنظامين فى كل التخصصات عودة للصواب، وتصحيح خطأ لم يكن من المقبول استمراره، حرصًا على الصالح العام ومصلحة الطلاب.