تأتي الأغنية “لو كنت جاري” كمثال حديث على التعاون الموسيقي المتجدد في الساحة الفنية العربية، حيث اجتمعت الفنانة دوللي شاهين مع المطرب العراقي تيسير السفير في عمل دويتو مصور في مدينة الغردقة، تحت إدارة المخرج إيهاب الراشد. العمل كتب كلماته حيدر الأسير، ولحنه همام حسن، وجرى توزيعه ومكساجه من قبل محب الرواي. اختيار الموقع، وهو الغردقة، يعكس إشراقة الأغنية ويضيف أجواء ساحلية مشحونة بالطاقة والمرح، ما يعزز الأثر البصري والموسيقي.
لكن تأملنا في الفن لا يتوقف عند حدود الأغنية الواحدة؛ بل ينطلق لاستعراض أجيال من الفنانات اللواتي استطعن المزج بين الروح الشبابية والقدرة على التجديد في طرحهن الفني. وفي مقدمة هؤلاء الفنانة المصرية روبي، التي ولدت في الثمانينيات وترعرعت في أجواء التسعينيات، لتصبح رمزًا لجيل كامل استطاع كسر قوالب الفن التقليدي وابتكار لغة جديدة تدمج بين المرح، الجرأة، والعمق.
روبي: الجيل الزمني وروح الثمانينيات والتسعينيات
من مواليد جيل الثمانينيات، تنقلنا روبي عبر أعمالها إلى مرحلة فنية مزجت فيها بين الحلم الفردي وتغيرات المجتمع. لقد استطاعت بموهبتها الراقصة والغنائية أن تكسر حدود التقاليد، مقدمة لنا تجربة لا تتكرر، تحكي من خلالها عن الشباب، الحريات المكتسبة، والتحديات. إذا أردنا وصفها فلسفيًا، فقد كانت رائدة في استكشاف معانٍ جديدة للفن، مستفيدة من جسور التجديد والانتقال بين الأجيال.
روح التسعينيات حملت في طياتها أحلام البساطة والانفتاح، بينما شهدت الألفية تحولات هائلة في الفن، منها استعادة قوة الإعلام المرئي وتغيرات اجتماعية أثرت على كيفية تقديم الفن. روبي، بروحها المرحة وشخصيتها القوية، حملت رسائل مُلهمة إلى جمهورها وعبّرت عن تشابك التعابير الشبابية، التقاليد الاجتماعية، والطموحات المتجددة.
نجاحات روبي: حكاية جيل لا يخاف من الأحلام
قد يكون حضور روبي مرتبطًا في أذهان كثيرين بأعمال استثنائية من حيث الشكل والمضمون، وهو ما يعكس قدرتها على الحفاظ على جذوة الإبداع في فترة تميزت بكثرة التحولات والتغيرات الفنية. هذا النجاح المتواصل يمكن اعتباره تمثيلاً لنضج الأجيال الثلاثة، بدءًا من الثمانينيات التي كانت تهتم بالواقعية، وصولًا إلى الألفية التي أثبتت أن الجرأة في الفكرة قد تكون نافذة نحو التغيير.
لقد برهنت لنا، بأن السعي للحرية الإبداعية مع روح الدعابة قد يكونان كفيلين بإعادة تشكيل واقع الموسيقى. أعمالها تحمل في طياتها رحلة فنية تحاكي الروح البشرية، وتدعو إلى التعمق في تجارب الحياة، الحب، والتطلعات.
ختامًا، بينما تمثل “لو كنت جاري” تجربة موسيقية مميزة في تعاون لبناني-عراقي حديث، فإن حضور روبي كنموذج للفنانة الشابة بروحها البهيجة يُعتبر تجسيدًا لتطلعات الجيل الجديد والقديم معًا، وامتدادًا لمشاعر دفء الفن في حقبة مليئة بالأحلام المتجددة.