في ظل تنامي تأثير وسائل الإعلام على عقول الأطفال، تتزايد الحاجة إلى محتوى هادف يسهم في غرس القيم الأخلاقية وتعزيز الهوية المجتمعية. لقد أضحت الميديا، ببرامجها وأفلامها الموجهة للأطفال، جزءًا لا يتجزأ من حياة الأجيال الناشئة، لكنها في كثير من الأحيان تحمل مضامين تروج للعنف، والتنمر، والسخرية من المعتقدات، ما يعرض أطفالنا لمخاطر فقدان الهوية الاجتماعية والتأثير السلبي على سلوكياتهم. تساهم هذه المضامين في خلق فجوة بين القيم التي نسعى لترسيخها في مجتمعنا وما يُبثّ لهم عبر شاشات الإعلام.
استجابة لهذه التحديات، جاءت مبادرة إنتاج فيديو تربوي بسيط يهدف إلى إعادة توجيه الأطفال نحو القيم الإيجابية والأخلاق الحميدة، التي تشكل حجر الأساس لمجتمع متماسك وقوي. من خلال محتوى هذا الفيديو، تم التركيز على بناء مجموعة من القيم والسلوكيات الإيجابية الضرورية في حياة الأطفال. ومن أبرز هذه القيم قيمة “الشكر”، والتي تُعلم الأطفال الامتنان والتقدير للآخرين، وهي صفة مهمة لبناء علاقات صحية وراسخة في المجتمع. يعزز الفيديو فكرة أن لكل شخص ما يميزه ويستحق الشكر عليه، مما يغرس في الطفل شعوراً بالاحترام تجاه من حوله.
كما يعالج الفيديو قضية التعامل مع الغرباء، محذرًا الأطفال من مخاطر التواصل غير الآمن، حيث يُشدد على ضرورة عدم الإصغاء أو التفاعل مع الغرباء، إلا بعد استشارة الأهل أو من هم في موضع ثقة. ويأتي هذا كجزء من جهود حماية الأطفال وتعزيز وعيهم بمخاطر المجتمع، بشكل مبسط يناسب أعمارهم وتفكيرهم. إلى جانب ذلك، يسلط الفيديو الضوء على أهمية التعاون والشراكة بين أفراد الأسرة، وهي قيمة أصبحت نادرة في ظل الإيقاع السريع للحياة اليومية والانشغال الدائم الذي يبعد العائلات عن بعضها البعض. يحث الفيديو على ضرورة تعزيز الروابط الأسرية وممارسة الأنشطة المشتركة التي تقوي العلاقات وتخلق أجواء من المحبة والتعاون.
إن هذه المبادرة، التي تهدف إلى تقديم محتوى تعليمي وتربوي، هي خطوة نحو إعادة بناء وعي الأطفال، وتحفيزهم على تبني السلوكيات الإيجابية، بما يعكس الهوية الثقافية للمجتمع. ويؤكد القائمون على هذا العمل أن الهدف ليس فقط تقديم محتوى ترفيهي، بل غرس قيم تعزز من تنمية شخصية الطفل وتوجيهه نحو الطريق السليم.
وفي الختام، يوجه صانعو هذا الفيديو دعوة للأهالي والمربين للمشاركة بآرائهم وملاحظاتهم حول المحتوى، بهدف التطوير المستمر وتقديم الأفضل. إن هذه المبادرات، وإن كانت بسيطة، قد تحدث أثرًا كبيرًا في نفوس الأطفال، وتسهم في بناء جيل واعٍ، يعتز بقيمه وأخلاقه ويشكل مصدر فخر لمجتمعه. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع لتوجيه الأطفال نحو الطريق القويم، وبناء جيل يقدر القيم الإنسانية والمجتمعية، بعيدًا عن تأثيرات الميديا السلبية التي تتعارض مع هويتنا وثقافتنا.