إنه نجاح جديد يُضاف إلى سلسلة إنجازات وزارة الداخلية بقيادة الوزير المتميز اللواء محمود توفيق، الرجل الذي نجح في اقتلاع جذور الإرهاب الأسود من أرض مصر، واليوم يضيف إلى رصيده إنجازاً آخر لا يقل أهمية. لأول مرة، تنكشف أمامنا تفاصيل عملية نوعية استطاعت الداخلية فيها فك ألغاز قضية خطيرة وضبطت إعلامية وصديقها الأجنبي في التجمع الخامس، بعد تورطهما في جلب وبيع “مخدر الاغتصاب” داخل مصر.
دعونا أولاً نوجه التحية إلى الوزير توفيق وجميع أبطال وزارة الداخلية. فاسم الوزير محمود توفيق صار مرادفاً للنجاح والثقة، يحظى بتقدير كبير بين رجاله ومن يعرفه. من اقتلاع الإرهاب إلى هذه القضية الشائكة، لم يتوانَ يوماً عن حماية الوطن. هذه العملية الأخيرة ستكون حديث الناس لأيام، وقد كشفت شجاعة ويقظة رجال الشرطة في مواجهة الجرائم التي تهدد سلامة المجتمع.
بدأت فصول القضية عندما وردت معلومات دقيقة إلى أبطال الداخلية حول نشاط الإعلامية وصانعة المحتوى «د.ف» وصديقها الأجنبي، اللذَين كانا يستغلان فيلا بالتجمع الخامس كوكراً لترويج مخدر خطير يُعرف بـ GHP، أو “مخدر الاغتصاب”. تحريات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية كشفت أن هذا العنصر الأجنبي كان يُتاجر في هذا المخدر القاتل، الذي يُستخدم في جرائم الاعتداء، عبر شرائه من مواقع إلكترونية خارجية، ثم شحنه لدولة أخرى لإدخاله إلى مصر، في عبوات تحمل ملصقات مزيفة لشركات نظافة، بهدف التمويه وتسهيل عملية الترويج بين الشباب لتحقيق أرباح طائلة.
تحركت الأجهزة الأمنية بسرعة ودقة، وعقب اتخاذ جميع الإجراءات القانونية، نجحت في ضبط المتهمين بحوزتهما 180 لترًا من مخدر GHP تُقدر قيمته بحوالي 145 مليون جنيه. لم تكن هذه العملية مجرد ضبط كمية مخدرات؛ إنها رسالة واضحة لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الوطن. وبمواجهتهم، اعترف المتهمون بنشاطهم الإجرامي، وتم الكشف عن شريكة في الجريمة، صانعة محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي ولها سجل جنائي، كانت تتولى ترويج المخدر بين الشباب مقابل مكاسب مادية.
تحية واجبة لكل بطل ساهم في هذه القضية. مع كل عملية ناجحة، يُثبت رجال الداخلية أنهم حراس أمن الوطن وسياج حماية لأبنائه من كل خطر يهدد سلامة المجتمع.
تعالوا نعرف ما هو هذا المخدر
مخدر GHB أو Gamma-Hydroxybutyrate هو مادة كيميائية لها تاريخ طويل ومعقد، يتأرجح بين الاستخدامات الطبية والتطبيقات الترفيهية غير القانونية، حتى وصولها إلى أيدي من يستغلونها في جرائم الاعتداء الجنسي، ما جعلها تُعرف بشكل شائع باسم “مخدر الاغتصاب”. في هذا المقال، سنلقي نظرة شاملة على ماهية هذا المخدر، استخداماته الطبية، أضراره، طرق إساءة استخدامه، وتأثيره على الصحة العامة.
تعريف مخدر GHB
GHB هو مركب طبيعي موجود بكميات صغيرة في الجهاز العصبي المركزي للإنسان، وله تأثير مهدئ على الدماغ والجسم. في الأصل، تم تطويره في ستينيات القرن الماضي لاستخدامه كمخدر طبي، واستُخدم لاحقًا لعلاج حالات الأرق والقلق وبعض اضطرابات النوم، كما تم استخدامه في معالجة الإدمان على الكحول في بعض الدول.
يُباع GHB عادة في شكل سائل عديم اللون والطعم، وأحيانًا في شكل مسحوق يُذاب في السوائل، ما يسهل إمكانية إساءة استخدامه في الأماكن العامة والمناسبات الاجتماعية دون ملاحظة.
الاستخدامات الطبية والشرعية
كان لمخدر GHB استخدامات طبية مشروعة في بداياته، حيث ساهم في تهدئة الجهاز العصبي وتخفيف القلق وتعزيز النوم العميق. في بعض الحالات، أُدرج في العلاجات المضادة لإدمان الكحول، إذ يساهم في تخفيف أعراض الانسحاب بشكل آمن. كما أنه يُستخدم في علاج مرض الناركوليبسي (اضطراب النوم القهري) بسبب قدرته على تعزيز النوم العميق.
مع ذلك، فإن استخداماته الطبية مقيدة للغاية نظرًا لاحتمالية إساءة الاستخدام وآثاره الجانبية الخطيرة، مثل اضطرابات الجهاز التنفسي، الهلوسة، وفقدان الوعي عند تناوله بجرعات غير محسوبة.
كيف أصبح GHB “مخدر الاغتصاب”؟
تحول GHB إلى مادة ذات سمعة سيئة بسبب إساءة استخدامه في الحفلات والمناسبات الاجتماعية. يمتاز بقدرته على التسبب في فقدان الوعي أو التثبيط الشديد للقدرة على التحرك والمقاومة، ما جعل بعض الأشخاص يستغلونه لإضعاف ضحاياهم قبل الاعتداء عليهم. بمجرد مزج المخدر مع المشروبات دون علم الضحية، يفقد الشخص السيطرة على حواسه وقدرته على الرفض أو الدفاع عن نفسه.
غالبًا ما يتسبب تناول GHB بجرعات صغيرة في إحساس بالاسترخاء والنشوة، لكنه في جرعات أكبر يسبب التثبيط الشديد للجهاز العصبي المركزي، مما قد يؤدي إلى الإغماء التام، وصعوبة في التنفس، وحتى الوفاة في حالات الجرعات الزائدة.
تأثيرات المخدر الجانبية
يُعد GHB من المخدرات القوية التي تؤثر بشكل كبير على الجهاز العصبي المركزي، وتشمل آثاره الجانبية ما يلي:
• فقدان الوعي: حتى في الجرعات المعتدلة، يمكن أن يتسبب في الإغماء السريع للضحية.
• دوخة وارتباك: تجعل الشخص غير قادر على التركيز أو الحركة بشكل طبيعي.
• ضعف التنفس: مما يشكل خطورة كبيرة قد تؤدي في بعض الحالات إلى التسمم أو حتى الموت.
• هلوسة: يمكن أن تسبب للمستخدم رؤى غير واقعية أو تغييرات في الإدراك.
• اضطرابات الجهاز الهضمي: مثل الغثيان والقيء.
• الإدمان: يؤدي استخدام GHB بشكل مستمر إلى الإدمان، ويصاحبه أعراض انسحابية خطيرة في حال التوقف المفاجئ.
كيفية الحماية من إساءة الاستخدام
لأن GHB لا طعم له ولا رائحة، فإنه يمكن إضافته بسهولة إلى المشروبات دون أن يشعر الضحية. لذلك، يجب اتخاذ التدابير الوقائية الآتية:
- عدم ترك المشروب دون رقابة: سواء كنت في حفل أو مكان عام.
- الابتعاد عن قبول مشروبات من الغرباء: مهما كانت الظروف.
- الانتباه إلى أي تغيرات مفاجئة في السلوك أو الشعور: مثل الدوار المفاجئ أو فقدان الوعي.
- البحث عن المساعدة الطبية: فور الشعور بأعراض غريبة أو مشاهدة شخص يواجه أعراض مشابهة.
جهود المكافحة القانونية
مع تزايد حالات إساءة استخدام GHB، صُنّف هذا المخدر في معظم الدول على أنه مادة غير قانونية، تُفرض عليها عقوبات صارمة في حالات الحيازة أو التوزيع. تهدف القوانين إلى منع الجرائم المرتبطة به وحماية الأفراد من المخاطر الناجمة عن إساءة استخدامه. تعمل الجهات الأمنية بالتعاون مع منظمات الصحة على نشر التوعية، وتوفير المعلومات الضرورية لكيفية التصرف في حال الاشتباه في التعرض لهذا المخدر.
خلاصة
يمثل GHB مثالًا على التحول من دواء طبي إلى أداة للاستغلال الجرمي في بعض الحالات. الوعي بخطورته وسبل الحماية منه يُعتبر ضرورة مجتمعية لحماية الأفراد، خاصةً في البيئات الاجتماعية المفتوحة. الوقاية والوعي هما السلاح الأقوى لمواجهة التحديات المرتبطة بإساءة استخدام هذه المواد الخطيرة.