في إحدى لحظات السينما التي لا تنسى، شهد مهرجان الإسكندرية السينمائي لحظة مؤثرة في تاريخ الفن المصري، حيث تجسدت فيه مشاعر الصدق والمحبة من خلال الفنان سمير صبري، الذي قدم شهادة صادقة عن موقف لا يزال يذكره الجميع. كان ذلك في الوقت الذي قدمت فيه سعاد حسني، “السندريلا”، آخر أفلامها الراعي والنساء، وهو الفيلم الذي كانت قد شاركت فيه بدون أجر كجزء من الإنتاج، مما يعكس مدى حرصها على تقديم عمل فني مميز رغم تحديات الحياة.
لحظة فوز وجائزة النقاد: صدمة وحزن
في مهرجان الإسكندرية السينمائي، كانت سعاد حسني مرشحة للفوز بجائزة “أفضل ممثلة” عن دورها في الراعي والنساء. وقد أخبرها القائمون على المهرجان في البداية بفوزها بالجائزة. لكن في مفاجأة غير متوقعة، ومع اقتراب موعد توزيع الجوائز، تم تغيير النتيجة بشكل مفاجئ، وقررت لجنة التحكيم منح جائزة “أفضل ممثلة” لممثلة أخرى. بدلاً من ذلك، تم منح سعاد حسني “جائزة النقاد”، وهو ما أحدث صدمة كبيرة في قلبها.
وفي تلك اللحظة، لم تتمكن سعاد من إخفاء حزنها الشديد، وهو ما انعكس في ملامح وجهها خلال الحفل، رغم أنها كانت دائمًا تحمل في قلبها حبا كبيرا لفنها ولجمهورها. لكن ما حدث في تلك الليلة كان بمثابة تحدٍ آخر لروح السندريلا، التي كانت دائمًا رمزاً للصمود والإصرار في وجه التحديات.
صوت الوفاء: سمير صبري يشيد بالسندريلا
لكن وسط تلك اللحظات الحزينة، برزت لحظة وفاء من الفنان سمير صبري، الذي كان يشارك في الحفل. وعندما جاء دوره للغناء، بدأ في الحديث عن سعاد حسني بكلمات ملؤها الحب والتقدير. وأشار سمير صبري إلى أنه كان سعيدًا جدًا لوقوفه أمام “الفنانة العظيمة التي استطاعت أن تقدم في السينما كل الأدوار المختلفة، من خلي بالك من زوزو إلى الزوجة الثانية وبئر الحرمان وأميرة حبي أنا”، وهي الأدوار التي أكسبت سعاد حسني شهرة واسعة وجعلتها واحدة من أساطير السينما المصرية.
وأضاف صبري قائلاً: “وإذا كان في القاعة 500 فرد، فخارج القاعة 500 مليون يصفقون لك، لأنك أقوى من أي مهرجان وجائزتك في قلوب الناس”. وعند سماع هذه الكلمات، امتلأت القاعة بتصفيق حار، حيث وقف جميع الحضور احترامًا وتقديرًا لسعاد حسني.
موسيقى وأغنية: لحظة سعادة وسط الحزن
في تلك اللحظة المميزة، عزفت الفرقة الموسيقية أغنية يا واد يا تقيل، التي كانت من أشهر أغاني سعاد حسني، وصعد إلى المسرح كل من نور الشريف ومحمود عبد العزيز. وقف الثلاثة معًا على المسرح، وقدموا لسعاد حسني الميكروفون، التي غنت بكل سعادة وامتنان. كان هذا المشهد، بكل تفاصيله، أحد أكثر اللحظات المؤثرة في تلك الأمسية.
روح السندريلا: التفاؤل والإصرار على العودة
وخلال السنوات الأخيرة من حياتها، كانت سعاد حسني قد أبدت رغبتها القوية في العودة إلى مصر في أبهى صورة. كانت حريصة على استعادة لياقتها البدنية، حيث مارست الرياضة وحاولت إنقاص وزنها استعدادًا للعودة إلى الساحة الفنية. بل إنها تواصلت مع المخرج سمير خفاجة، لتجهيز مسرحية جديدة، مشابهة لتلك التي أعدها للفنانة شادية، حيث كانت تحلم بإعادة تقديم نفسها لجمهورها بشكل مختلف.
كل هذه الجهود التي بذلتها سعاد حسني في سبيل العودة كانت تُظهر بوضوح أنها لم تكن تعاني من أي نوع من الاكتئاب، بل كانت تتمتع بروح إيجابية ومقبلة على الحياة، وكان من الواضح أنها كانت في طريقها للعودة إلى الفن بحماس لا مثيل له. في تلك الفترة، كان كل همها أن تعود سعاد حسني إلى مكانها الطبيعي في قلوب محبيها، وهو ما كان يضفي على حياتها مزيدًا من التفاؤل والأمل.
خاتمة: رحمهم الله جميعًا
كانت تلك اللحظات، بكل ما تحمله من حب وفقدان، دليلاً على الروح النبيلة التي امتلكتها سعاد حسني طوال حياتها. رغم كل التحديات التي واجهتها، من التغيرات المفاجئة في حياتها المهنية إلى الصعوبات الشخصية، لم تفقد أبدًا حبها للفن ولا قدرتها على العطاء. رحم الله السندريلا وجميع من كانوا جزءًا من حياتها، وتركوا لنا ذكريات لا تُنسى ستظل حية في قلوبنا إلى الأبد.