كيف تتم مناقشة قانون يخص ملايين الأسر المصرية بدون طرحه للنقاش في المجتمع؟ نطالب بأن تنعم كل مواطنة ومواطن تجمعهما رابط الأسرة بمظلة قانونية عادلة، لا تتحول فيها الأسرة إلى مصدر العذاب والمآسي.
عقد برنامج الوصول للعدالة، الأربعاء ١٣ نوفمبر ٢٠٢٤، مائدة حوار لمناقشة كتاب “المفيد للأحوال الشخصية للمسيحيين الأرثوذكس” للمحامي نبيل غبريال.
تأتي هذه المائدة في إطار اهتمام مؤسسة قضايا المرأة المصرية بأهمية صدور قانون جديد للأحوال الشخصية يضمن العدل والمساواة والإنصاف لكل أفراد الأسرة المصرية، مسلمين ومسيحيين.
أدارت الحوار بالمائدة الأستاذة عزة سليمان، المحامية بالنقض و رئيسة مجلس أمناء المؤسسة؛ وتحدث كل من الأستاذة جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، والأستاذ إسحاق إبراهيم، مسؤول برنامج المساواة ومنع التمييز بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إضافة إلى مؤلف الكتاب.
وقالت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، إن مسائل الأحوال الشخصية للأقباط من أكثر الملفات حساسية وأكثرها إيلاماً وتأثيراً في حياة الملايين من الأسر المسيحية المصرية. فالأقباط الأرثوذكس هم الطائفة الأوسع انتشاراً بين المسيحيين المصريين، وتمثل الكنيسة القبطية الشرقية الأرثوذكسية مركز الطائفة على مستوى العالم. لذلك، فإن إهمال تنظيم مسائل بهذه الأهمية أو حتى تجنبها أو إرجاءها أصبح أمراً غير مقبول، خاصة أنه بعد تعديلات ٢٠٠٨ تم إغلاق ملف الطلاق للمسيحيين على سببين فقط؛ الأول الزنا الحكمي، والثاني تغيير المعتقد أو الديانة، وهو ما أدى إلى تعقيدات كبيرة وتعاسة بالغة لآلاف الأسر.
وأكدت جميلة إسماعيل أنه ومنذ تولي البابا تواضروس الكرسي الباباوي، تم الحديث مراراً عن مشروع تعديلات في ملف الأحوال الشخصية؛ وانتظرت ملايين العائلات حل مشاكلها، ليس فقط في الزواج والطلاق ولكن أيضاً في الميراث. لكن المشروع المنتظر حبيس الأدراج منذ سنوات بل وظل المشروع سرياً ولم تخرج تفاصيله للنور رغم أنه يتعلق بمعاناة ويمس حياة ملايين العائلات. لماذا يبقى قانون من المفروض أن يحل مآسي أطفال وعذابات أمهات وآباء في طي الكتمان والنسيان؟
تساءلت رئيسة حزب الدستور وهي تشير إلى أن الكنيسة أرادت الحفاظ على الأسرة المصرية المسيحية بوضع شروط و إجراءات الطلاق، فإذا بها تتسبب في كثير من أشكال التفكك الأسري والمشاكل الزوجية التي أصبحت تنتهي بجرائم قتل أو تشريد أطفال أو زواج مع إيقاف التنفيذ، وغيرها. وكل هذا يستدعي التحرك لتغيير القانون لتحقيق نفس الهدف وهو الحفاظ على الأسرة وسعادة أفرادها.
وأشارت جميلة إسماعيل إلى أن المؤلف قيد المناقشة يقدم دراسة قانونية في نقاط دقيقة، حاول قدر المستطاع فك الالتباس في تفسير وكيفية تطبيق مواد الدستور ذات الصلة التي تنظم الأحوال الشخصية لجزء أساسي من المواطنين المصريين للمسيحيين الأرثوذكس، وليس من الإنصاف إهمال مطالبهم بإزالة العوائق القانونية أمام حقهم في تنظيم مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بهم.
واستكملت: ولقد حدد الكاتب الاستاذ نبيل غبريال المواد التي يستند إليها في تنظيم شؤون الأحوال الشخصية للمسيحيين الأرثوذكس في المادة ٥٣، المواطنين سواء، والمواد المتعلقة بحرية العقيدة.
وأشارت إلى ما انتهى إليه الكاتب في الفصل الأول من أنه لا رقابة للشريعة الإسلامية على القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية للمسيحيين، وأن هذا الإثبات الهام يمثل مدخلاً قانونياً لإزالة كل ما يفرض أحياناً وبشكل غير منطقي على جزء من المواطنين فيما ينظم شؤونهم الخاصة المبنية على شريعتهم وفق الشريعة الإسلامية، دون أن يحقق هذا التطبيق غير المنطقي أي فائدة لا لأصحاب الطائفة ولا للغرض من التشريع.
وأوضحت أنه في نهاية عام ٢٠١١ حاولنا الانتقال بالأفكار من حيز الاحتجاج إلى السياسة، وكان شعارنا آنذاك “صنعنا ثورة ونستحق السعادة والعدالة”. وأضافت :” فى أول انتخابات تم إجراؤها بعد الثورة خلال شهر نوفمبر ٢٠١١، جاءت إلي سيدة مسيحية صغيرة السن تقول لي كيف نحيا بسعادة ونشعر بالعدالة مع تكدير وتعذيب يومي على خلفية الأحوال الشخصية وكيف نتجاوز الأزمات التي نعيشها. تصورنا آنذاك أنه من الممكن أن يتم حسم هذا الأمر مع انعقاد أول مجلس للشعب بعد الثورة ولكنه لم يحدث ولم يحسم حتى الآن وحتى بعد مرور أكثر من ١٤ عاماً على هذه التعديلات.
واستطردت: حان الوقت لنتخلص مما يصعب حياة الناس ويمنعهم من الحياة بسلام وكل ما يعرض أسر كثيرة لأزمات وحياة تعيسة. فمن القوانين المطلوب سرعة إصدارها قوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين الذي نحن بصدد الحديث عنه اليوم. فنحن في حزب الدستور وكأحزاب مدنية نرى أنه مطلب عادل لكل مواطنة ومواطن أن ينعم بمظلة قانونية تحقق له ما يجعله يعيش في سكينة ومحبة في مسكنه بما في ذلك ما يسمح بالمساواة في الميراث للمسيحيين وجواز الطلاق لديهم وعدم قصره على علة الزنا وتغيير الملة.
وقد انتهت مائدة الحوار التي نظمها مركز قضايا المرأة بطرح عدة توصيات، ومنها:
- الاستمرار في طرح إشكاليات الأقباط في مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بهم للحوار المجتمعي والتنسيق مع بابا الكنيسة لوضع الإشكاليات التي تؤرق الإخوة والأخوات المسيحيين محل البحث.
- مخاطبة البرلمان والحكومة لتداول المشروع المقدم بخصوص الأحوال الشخصية لغير المسلمين وطرحه للحوار المجتمعي.
- مخاطبة البرلمان بضرورة الإسراع في مناقشة مشروع القانون المقترح وإصداره مع الأخذ في الاعتبار ما خلص إليه الحوار المجتمعي من توصيات لتضمينها بالقانون.
- فصل الكنيسة ورأيها الديني عن الإجراءات القانونية بعد إصدار تشريع شامل ينظم الأحوال الشخصية لغير المسلمين.
- ضرورة أن يكون تعديل اللوائح الخاصة بالمسيحيين من خلال البرلمان وممثلي الشعب وليس المجلس الملي داخل الكنيسة.
- استمرار التبني في الشرائع كافة مع تقنينه بنصوص داخل القانون الجديد.
- التوسع في حالات جواز الطلاق لدى المسيحيين وعدم قصرها على علة الزنا وتغيير الملة.
- إعادة مناقشة ما يعرف بالزنا الحكمي سيما بعد ظهور الذكاء الاصطناعي واحتمالات التلفيق والكيدية.
- ضرورة مواجهة ظاهرة تغيير الديانة للحصول على الطلاق للحفاظ على التنوع في المجتمع المصري وعدم خلق جيل يتبع عقيدة ظاهرية دون ما يؤمن به حقيقة بما سيؤدي لاندثار إحدى العقائد مع مرور الأجيال القادمة.
- وضع المادة ٣ من مواد إصدار القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ موضع التطبيق الفعلي بتطبيق شريعة غير المسلمين على أحوالهم الشخصية في حالة اتحاد الملة والطائفة.