لا يخفى على أحد أن الإعلام المصري في السنوات الأخيرة واجه تحديات جسيمة أثرت على مكانته وثقة الجمهور فيه. تحول الإعلام من كونه صوتًا معبرًا عن نبض الناس، إلى منصة تخاطب نفسها بعيدًا عن تطلعات المواطن وتحدياته اليومية. اليوم، أقف بصف المطالبين بأن تقوم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، باعتبارها رائدة في هذا المجال، بخطوات جادة وحاسمة لإعادة ثقة المواطن في الإعلام، وتجديد الخطاب الإعلامي بما يواكب العصر ويستجيب لطموحات الناس.
خطة شاملة لتطوير الإعلام
نحن بحاجة إلى تطوير شامل للإعلام المصري الذي لم يعد يعكس واقعنا، بل بات يستفز الجماهير أحيانًا بأساليب خطابية متكررة، ونمطية مملة. وهنا، أدعو الشركة المتحدة إلى تبني خطة إصلاحية تهدف إلى تقديم محتوى يخاطب عقول الناس، ويلامس قضاياهم، ويستجيب لرغباتهم. الإعلام الذي يفرض رؤيته على المتلقي، أو يعتمد على أسلوب “الإعلامي الزعيم” الذي يلعب دور الموجه والوصي، يجب أن يترك الساحة لمحاورين حقيقيين يستمعون للمتخصصين، ويفتحون المجال أمام تعدد الآراء.
الحاجة إلى إعلام يبحث عنه المواطن
لكي يستعيد الإعلام المصري مكانته، ينبغي أن يصبح مصدرًا يلجأ إليه المواطن للحصول على المعلومة الدقيقة، والتحليل الرصين، والنقاش العميق الذي يثري عقله ويفتح له آفاقًا جديدة. لا يمكننا أن نصل إلى هذه المرحلة طالما استمر الإعلام في مخاطبة نفسه، بعيدًا عن قضايا الناس الفعلية. إن النجاح الحقيقي للإعلام ليس في فرض محتوى معين على المشاهد، بل في جذب المشاهد للبحث عن محتواه.
الشركة المتحدة لديها القدرة على قيادة هذا التغيير، من خلال تقديم وجوه إعلامية جديدة، ووجوه ضيوف تتنوع آراؤهم، وتحترم عقل المتلقي. لقد ملّ المواطن المصري من تكرار نفس الأسماء، ونفس التحليلات، ونفس الخطاب الأحادي الذي لا يتيح له حتى التفكير.
إعلامي محاور بدلًا من إعلامي موجه
الإعلام المصري بحاجة إلى تغيير جذري في أسلوب الحوار. الإعلامي الذي يرى نفسه زعيمًا أو وصيًا على الجمهور لم يعد مناسبًا لروح العصر. بدلًا من محاولة فرض وجهة نظر واحدة على المشاهدين، علينا فتح المجال لنقاش متوازن، حيث يلعب الإعلامي دور المحاور المستمع، الذي يدير حوارًا متكاملًا، ويسمح للأفكار بالتفاعل والتلاقي.
الشركة المتحدة مدعوة إلى إحداث هذا التحول. يكفي ما شهده الإعلام من أساليب خطابية مستفزة أو موجهة، آن الأوان لتقديم برامج حوارية تعكس تعددية الآراء وتحترم عقول المشاهدين. الإعلامي يجب أن يكون جسرًا للتواصل بين الناس والواقع، لا أن يكون منبرًا لتوجيههم أو إرغامهم على تقبل رأي واحد.
مراعاة مدونة السلوك الإعلامي
من الضروري أن تلتزم الشركة المتحدة بمدونة السلوك الإعلامي في جميع برامجها. هذا الالتزام يعكس احترامًا للمشاهد، ويضمن تقديم محتوى راقٍ وهادف بعيدًا عن التحريض أو إثارة الفتن. إن إعلامًا يحترم آداب النقاش، ويلتزم بالشفافية والموضوعية، هو ما يحتاجه المواطن المصري اليوم.