في نعي مؤثر يحمل في طياته الحزن والأسى، ينعي الكاتب الصحفي صموئيل العشاي بقلوب مكلومة الفقيد العزيز والمستشار الجليل عبد الهادي أحمد، عضو مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة استئناف الإسكندرية سابقا، الذي انتقل إلى جوار ربه، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من العدل والقيم الإنسانية النبيلة. كان الراحل رمزًا شامخًا للنزاهة والعدالة، وقاضياً استحق لقب “الممسك بميزان العدل وحارس العدالة” عن جدارة. لقد كان نموذجًا يُحتذى به في الحزم، والإنصاف، والتفاني في أداء الواجب.
لقد كرّس المستشار عبد الهادي أحمد حياته لخدمة الوطن وإعلاء شأن الحق، ساهرًا على إقامة العدالة وإحقاق الحق في كل قضية تولاها. تميز بالعدل في قراراته وبثبات المبدأ، ولم يهب العواصف ولم تأخذ منه المناصب شيئًا من تواضعه وعطاءه. كان للفقيد حضور لافت، ورؤية واضحة في ترسيخ مبادئ القضاء العادل، مما جعله محبوبًا لدى زملائه، واحترامًا من قبل كل من لجأ إليه.
من قاعات المحاكم إلى ساحات القانون، كان المستشار عبد الهادي مثالًا للقاضي الذي يحمل الأمانة بكل معانيها، ويصون قيم العدل كحارس لا يلين. عُرف بإخلاصه العميق في تطبيق القانون بحيادية مطلقة، فلم يكن يحيد عن طريق الحق مهما كانت الظروف، مما جعل من كلمته حكمة، ومن أحكامه دستورًا للعدل.
لم تكن مسيرته القضائية حافلةً بالإنجازات المهنية فحسب، بل أيضًا بحياة إنسانية ثرية بالخير والكرم والعطاء، فكان الأب الحنون والصديق المخلص، يشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، ويترك بصمة في حياة كل من عرفه وتعامل معه. لقد جمع بين القسوة في تطبيق القانون مع الرحمة في قلوب الناس، فصار قدوة في التوازن بين الحزم واللطف، وبين السلطة والتواضع.
برحيل المستشار عبد الهادي أحمد، تودع مصر قامة قضائية فريدة من نوعها، وشخصية وطنية نادرة، نذرت نفسها لخدمة العدالة وسلامة الوطن. وإننا اليوم إذ نعزي أنفسنا وأسرته وزملاءه ومحبيه، ندعو الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويجعل ما قدمه في خدمة الحق شفيعًا له. “إنا لله وإنا إليه راجعون”.
رحم الله الفقيد الذي لن تغيب ذكراه عن قلوبنا، وستبقى سيرته الطيبة وابتسامته الحكيمة نبراسًا لكل قاضٍ ورمزًا لكل عاشق للعدالة، ونسأل الله أن يجزيه عنا وعن كل من عرفه خير الجزاء.