في مشهد يتسم بالفضائح والأزمات المتلاحقة، يقف بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مكشوفًا أمام عاصفة من الغضب الداخلي. لم تعد ادعاءاته بالقيادة القوية والأمن المستدام قادرة على إخفاء الانقسامات العميقة التي باتت تمزق المجتمع الإسرائيلي بسبب سياساته المثيرة للجدل. هذا الرجل الذي تلاحقه تهم الفساد والتلاعب، تحوّل إلى رمز للاحتقان والانقسام، بينما تتعالى الأصوات المنادية باقتلاعه من السلطة، وسط رغبة جامحة بتغيير قيادة باتت تشكّل خطرًا على النظام بأسره.
المجتمع الإسرائيلي يغلي تحت وطأة سياسات نتنياهو، حيث شهدت شوارع المدن الكبرى احتجاجات واسعة ضد وجوده. الآلاف من المواطنين خرجوا إلى الساحات العامة، رافعين أصواتهم بالمعارضة، موجهين سهام الاتهام إلى رئيس حكومة الاحتلال الذي بات في نظرهم سببًا رئيسيًا في الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بهم. تلك الاحتجاجات ليست مجرد مظاهرات عابرة، بل هي مؤشر واضح على رغبة حقيقية في طي صفحة حكم نتنياهو، الذي لم يعد يوحّد بلاده بل يفاقم انقسامها.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمة بين نتنياهو والشعب، لم يعد الجيش، الذي لطالما كان حجر الزاوية في بناء القوة الإسرائيلية، قادراً على كتمان غضبه. تزايدت حدة الاحتقان داخل أروقة المؤسسة العسكرية بسبب سياسات نتنياهو، خاصة بعد أن كشفت تقارير عن تسريب نصوص حساسة من اجتماعات أمنية، وصلت إلى “حماس” و”حزب الله”. هذه التسريبات تُظهر مدى الفوضى والاختراق داخل منظومة الحكم، مما يعكس فقدان السيطرة في أروقة القيادة. الجيش، الذي يعتمد على السرية والهيبة، لم يجد نفسه في مواقف مشابهة من قبل، مما جعل غضبه يتصاعد على نحو غير مسبوق، خاصة وأن التسريبات لم يفتح بشأنها أي تحقيق جدي.
في السياق ذاته، الدوائر السياسية تتآمر وتتخذ خطوات جادة نحو اقتلاع نتنياهو من المشهد. المعارضة، وقادة بارزون حتى من داخل حزبه “الليكود”، باتوا يدركون أن وجود نتنياهو في الحكم يشكّل خطرًا على المصالح العليا لدولة الاحتلال. محاولات الإطاحة به تتكثف، وتتحرك الكواليس السياسية بشكل غير مسبوق، مع تصاعد الإدراك بضرورة التغيير.
إقالة وزير الدفاع كانت القشة التي قسمت ظهر نتنياهو. خطوة عكست مدى الصراع الداخلي داخل حكومته، وجعلت الكثيرين يرونها محاولة منه لتعزيز قبضته حتى وإن كان الثمن تمزيق الحكومة. الوزير المقال، الذي كان ينوي اتخاذ مواقف أمنية مغايرة عن نتنياهو، يُعتقد أنه كان يسعى للإطاحة به من داخل الحكومة، ما جعل القرار يظهر كخطوة دفاعية متوترة من رئيس الحكومة.
وفي سياق فضائحه، أظهرت التقارير تورط مكتب نتنياهو في قضايا خطيرة تتعلق بتسريب وثائق أمنية حساسة، تلاعب بها موظفون مقربون منه لتخدم مواقفه السياسية وتُغطي على إخفاقاته. تورط شخصيات مثل إيلي فيلدشتاين، إلى جانب ضباط كبار في الأجهزة الأمنية، يعكس مدى الانحدار الذي وصلت إليه القيادة السياسية. المعلومات المسربة لم تتوقف عند الجيش، بل وصلت إلى “حماس”، ما يعكس حجم الفوضى والخيانة داخل مكتب رئيس حكومة الاحتلال.
اليوم، تقف إسرائيل على مفترق طرق، تتأرجح بين غضب شعبي، واحتقان عسكري، ومؤامرات سياسية، كل ذلك يُوجّه نحو نتنياهو. هل سينجح رئيس حكومة الاحتلال في التملص من هذه العاصفة كما فعل سابقًا، أم أن رحيله بات وشيكًا ليكون بمثابة نهاية لفصل طويل من حكم مثير للجدل؟