في خطوة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وإفريقيا، تستعد مصر لدخول مجال إنتاج وقود الطائرات المستدام (SAF) من خلال مشروع ضخم تعكف على تنفيذه بالتعاون مع شركة “هني ويل” الأمريكية. وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود مصرية رائدة تهدف إلى دعم التحول الأخضر العالمي وتحقيق التنمية المستدامة، مع تعزيز مكانتها كمحور استراتيجي في مجال الطاقات النظيفة.
تفاصيل المشروع:
أنهت شركة “هني ويل” دراسات الجدوى الخاصة بالمشروع، الذي يهدف لإنتاج وقود SAF في مدينة الإسكندرية، باستثمارات ضخمة تصل إلى 530 مليون دولار أمريكي. يُتوقع أن ينتج المشروع نحو 120 ألف طن سنويًا من الوقود المستدام، معتمدًا على مصادر طبيعية وصديقة للبيئة، مثل المخلفات الزراعية وزيت الطهي المعاد تدويره. ويُعَدّ هذا المشروع نقلة نوعية في صناعة الطاقة بمصر، ما يمهد الطريق لإنتاج أنواع الوقود المستدام محليًا، لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقات النظيفة وخفض انبعاثات الكربون.
لماذا وقود الطائرات المستدام (SAF)؟
وقود SAF هو وقود صديق للبيئة، يتم إنتاجه من مصادر متجددة مثل النفايات الزراعية، الزيوت المستعملة، والبقايا الحيوية، ويُعَدّ بديلًا أنظف وأكثر استدامة لوقود الطائرات التقليدي. يُسهم هذا الوقود في خفض انبعاثات الكربون بمعدل يصل إلى 80% على مدار دورة حياته مقارنةً بالوقود الأحفوري، مما يعزز من جهود الحد من التغير المناخي.
أهمية المشروع لمصر:
إنتاج وقود SAF ليس مجرد خطوة نحو تلبية الطلب المتزايد على الطاقات المستدامة، بل أيضًا تأكيد لدور مصر الرائد في تعزيز حلول الطاقة المتجددة في المنطقة. من خلال هذا المشروع، ستصبح مصر أول دولة في إفريقيا والشرق الأوسط تُنتج هذا النوع من الوقود، ما يمنحها مكانة استراتيجية هامة على خارطة الطاقات النظيفة، ويعزز تنافسيتها في سوق الطيران العالمي، الذي يتجه بوتيرة متسارعة نحو تبني الوقود المستدام كخيار رئيسي لخفض الانبعاثات.
الدور الأمريكي في المشروع:
تتعاون مصر في هذا المشروع مع “هني ويل”، وهي شركة عالمية رائدة في مجال التكنولوجيا والابتكارات البيئية، وتعمل على تطوير حلول صديقة للبيئة من خلال استخدام أحدث التقنيات. تعكس هذه الشراكة الثقة المتبادلة بين مصر والولايات المتحدة في مجال الطاقات النظيفة، وتفتح المجال لمزيد من الاستثمارات والمشروعات المستقبلية التي تدعم التنمية المستدامة.
الآثار الاقتصادية والبيئية:
من المتوقع أن يحقق المشروع عوائد اقتصادية هامة لمصر، من خلال توفير فرص عمل جديدة، وتنمية الصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة، وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع الحيوي. على الجانب البيئي، يمثل المشروع خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخفض الاعتماد على الوقود التقليدي الذي يساهم في ارتفاع نسب التلوث والانبعاثات الكربونية.
دعم خطط مصر لتحقيق الاستدامة:
يتماشى هذا المشروع مع أهداف “رؤية مصر 2030” التي تضع ضمن أولوياتها تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية، وتطوير البنية التحتية للطاقات المتجددة في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع النقل الجوي. كما يعزز المشروع قدرة مصر على مواكبة الالتزامات الدولية في مجال المناخ، خاصة بعد مشاركتها الفعّالة في قمة المناخ COP27، حيث شددت على أهمية التحول إلى طاقات أكثر نظافة واستدامة.
التحول الأخضر في صناعة الطيران:
يعكس المشروع التوجه العالمي نحو التحول الأخضر في صناعة الطيران، وهو ما يتطلب استخدام بدائل نظيفة مثل وقود SAF لتقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة. العديد من شركات الطيران العالمية بدأت بالفعل بتبني وقود SAF كجزء من خططها للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي.
بهذه الخطوة، تسعى مصر إلى مواكبة التطورات العالمية في مجال الطاقات النظيفة، وتعزيز دورها في حماية البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة، مما يجعلها مركزًا إقليميًا وعالميًا في إنتاج الوقود المستدام.