شهد الأسبوع الماضي تحركات مكثفة للرئيس عبد الفتاح السيسي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، في إطار سعيه لمواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن الأزمات الإقليمية والدولية، وتعزيز موقع مصر على الساحة الدولية. شملت تلك التحركات لقاءات متعددة مع قادة دول وممثلين عن مؤسسات دولية، ومتابعة لملفات اقتصادية وتنموية هامة، مع تركيز على الإصلاح الاقتصادي والتكريم المستمر لتضحيات الشعب المصري.
تعزيز التعاون مع صندوق النقد الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية
استقبل الرئيس السيسي كريستالينا چورچييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، حيث تطرق اللقاء إلى مناقشة التطورات المتعلقة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر. ويأتي اللقاء في ظل رغبة مصر في تعزيز التعاون مع الصندوق، من أجل ضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية، مع التركيز على خفض معدلات التضخم ومراعاة تأثير الأزمات العالمية على الاقتصاد المصري. ويأتي هذا التعاون في ضوء أزمة الموارد الدولارية التي تواجهها مصر والتحديات المترتبة على الأوضاع الإقليمية.
الرئيس السيسي أكد خلال اللقاء على ضرورة الاستمرار في مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار، بجانب استهداف جذب استثمارات جديدة وتمكين القطاع الخاص، بهدف تحقيق معدلات نمو مرتفعة تسهم في التخفيف من الأعباء على المواطنين. من جهتها، أعربت چورچييفا عن تقديرها للجهود المصرية في هذا المجال، مشيدة بالنتائج الإيجابية للإصلاح الاقتصادي، والتي انعكست في نظرة المؤسسات الدولية التي رفعت تصنيف مصر الائتماني. كما أكدت تفهم الصندوق لحجم التحديات، وأهمية التركيز على مسارات الإصلاح التي تراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية كافة.
تكريم تضحيات الشهداء ودعم ذويهم
لم يكن الجانب الاقتصادي هو الوحيد الذي شغل أجندة الرئيس، إذ اجتمع السيسي مع مسؤولي صندوق تكريم الشهداء وضحايا العمليات الحربية والإرهابية. ووجه الرئيس بضرورة تعزيز الخدمات المقدمة للمستفيدين من الصندوق، بما في ذلك تقديم الخدمات العلاجية المجانية للمصابين غير المشمولين بالتأمين الصحي، في خطوة تهدف إلى تقدير تضحيات أبناء الوطن ودعم ذويهم، تأكيداً على مكانة هؤلاء في الوجدان الوطني وحرص الدولة على توفير رعاية شاملة لأسرهم.
دعم التنمية الحضرية ومواجهة التحديات الدولية
شهد الأسبوع كذلك افتتاح النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي، حيث ألقى الرئيس السيسي كلمة حول التحديات التي تواجه المدن عالمياً جراء النزاعات والحروب، وما ينتج عنها من تداعيات مدمرة على الحياة الحضرية. وأكد الرئيس على إنجازات مصر في السنوات الأخيرة في مجالات العمران والتنمية الحضرية، مشيراً إلى مشروعات مثل “حياة كريمة” ومبادرات الإسكان الاجتماعي، إضافة إلى مشروعات إنشاء المدن الجديدة التي تعتمد معايير الاستدامة والذكاء الرقمي. يأتي ذلك في إطار رؤية مصر 2030، الساعية لتحقيق التنمية المتوازنة والشاملة في كافة أنحاء البلاد.
لقاءات رئاسية لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي
على هامش المنتدى، التقى الرئيس السيسي بالعديد من القادة والمسؤولين، بمن فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس اليمني رشاد العليمي، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان. تمحورت اللقاءات حول تعزيز التعاون المشترك، ومناقشة القضايا الإقليمية والتحديات الراهنة، وهو ما يعكس حرص مصر على لعب دور محوري في دعم استقرار المنطقة. كما شهدت اللقاءات مع الرئيس الإستوني ألار كاريس نقاشات حول التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إلى جانب التأكيد على تطوير العلاقات الثنائية ودعم التعاون الثلاثي في إفريقيا.
الاتصالات الدولية لتعزيز الشراكة مع القوى الكبرى
وفي خطوة تعكس مواصلة مصر لتعزيز علاقاتها الاستراتيجية، أجرى الرئيس السيسي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، معرباً عن تطلع مصر لاستكمال التعاون بين البلدين، ومشيراً إلى الطابع الاستراتيجي للعلاقات بينهما، ومشيداً بما شهدته فترة الولاية الأولى لترامب من تعاون مميز في مختلف المجالات، بما يخدم مصالح الشعبين ويحقق الاستقرار في المنطقة.
قراءة شاملة في التحركات الرئاسية
تحركات الرئيس السيسي هذا الأسبوع تُظهر رؤية شاملة لقيادة الدولة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وتعزيز التنمية الشاملة، مع إبقاء التكريم والاهتمام بذوي الشهداء في مقدمة الأولويات، وهو ما يعكس روح الوفاء والعرفان بتضحيات الأبطال، إلى جانب السعي المستمر لدعم الاستقرار الإقليمي والدولي، وتحقيق تنمية مستدامة تعود بالنفع على جميع المواطنين.