مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يجد الأقباط الذين يحملون الجنسية الأمريكية أنفسهم أمام فرصة استثنائية للتأثير على القرار السياسي في الولايات المتحدة. حيث يشكل الاقباط في الولايات المتحدة قوة انتخابية كبيرة حيث يُقدر عددهم بنحو أربعة إلى خمسة ملايين صوت، وهو عدد كافٍ لتوجيه الدفة في ولايات حاسمة إذا ما اتحدوا في دعمهم لمرشح واحد.
اليوم، يشير العديد من أفراد اللوبي القبطي إلى دعمهم للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، في ظل قناعة راسخة بأن علاقة مصر مع الحزب الجمهوري كانت أكثر استقراراً ودعماً على مدى العقود الماضية. لقد شهدت سنوات ترامب في البيت الأبيض تعاوناً وثيقاً مع مصر على الصعيدين السياسي والعسكري، وهو ما عكسته العديد من المواقف المشتركة في ملفات إقليمية ودولية. على الجانب الآخر، نجد تجربة المصريين مع الإدارات الديمقراطية تحمل في طياتها الكثير من التحديات، إذ يُنظر إلى هذه الإدارات على أنها اتخذت مواقف تتعارض مع مصالح مصر، خاصة خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما.
إختلاف في التعامل مع مصر بين الجمهوريين والديمقراطيين
في السنوات الأخيرة، تبين للمصريين بوضوح أهمية السياسات الخارجية للإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض. فعندما تولى الحزب الديمقراطي الحكم بقيادة باراك أوباما، شهدت العلاقات المصرية الأمريكية حالة من التوتر بسبب دعم الإدارة لجماعة الإخوان المسلمين خلال فترة حكمهم، ما أثار استياء المصريين خاصةً بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بتلك الجماعة من السلطة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أظهرت إدارة أوباما تحفظاً تجاه ثورة 30 يونيو، حيث رأى الكثير من المصريين أن المواقف الأمريكية حينها لم تكن داعمة لمطالب الشعب المصري في استعادة استقراره وإبعاد التطرف عن السلطة.
ومع فوز دونالد ترامب في انتخابات 2016، تغيرت السياسة الأمريكية تجاه مصر بشكل واضح، و أبدت إدارته دعماً ثابتاً لمصر وقائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأثنى ترامب على الدور المصري في مكافحة الإرهاب وحفظ الاستقرار في المنطقة، ولم يتردد في تقديم الدعم العسكري والاقتصادي اللازم لتعزيز قدرات مصر في مواجهة التحديات المتصاعدة. وقد أشاد المصريون بهذا النهج، معتبرين ترامب صديقاً حقيقياً لمصر، حيث أسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين.
ترامب داعم واضح لمصر
في فترة حكمه، دعم ترامب مصر في مختلف الملفات الاستراتيجية، من مكافحة الإرهاب، إلى دعم جهود التنمية الاقتصادية، وصولاً إلى التفاهم حول قضايا إقليمية حساسة. وأعرب ترامب في عدة مناسبات عن تقديره لدور مصر في تعزيز الاستقرار بالشرق الأوسط، و انعكس ذلك من خلال تقديم الدعم المطلوب لمصر في مجالات عسكرية مهمة، مثل المعدات وقطع الغيار. ولعل إحدى الصور التي ترسخت في أذهان المصريين كانت اللقاءات المتكررة بين ترامب والسيسي، والتي أظهرت عمق التفاهم بينهما ورغبتهما المشتركة في تعزيز التعاون الثنائي.
خلال تلك الفترة، وجد المصريون أن ترامب كان مؤيداً للرؤى المصرية في ملفات هامة مثل القضية الفلسطينية ومكافحة الجماعات المتطرفة، وهو ما اعتبره الكثيرون تغييراً إيجابياً في السياسة الأمريكية، بعد سنوات من التوتر مع الإدارات الديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك، فإن ترامب، بخطابه الصريح والبعيد عن التدخلات التقليدية في الشؤون الداخلية، أبدى تفهماً لمطالب الشعب المصري في الاستقرار والتنمية، وهو ما زاد من شعبيته داخل أوساط الجالية المصرية في الولايات المتحدة.
بايدن وعودة للسياسات التقليدية
عندما تولى جو بايدن الرئاسة في 2021، عادت بعض التوترات إلى الواجهة بين مصر والإدارة الأمريكية. و رأى بعض المصريين أن إدارة بايدن تميل نحو سياسات أقرب لتلك التي انتهجها أوباما، ما أثار قلقاً لدى الجالية المصرية في الولايات المتحدة من أن تعود الأمور إلى سابق عهدها. إذ اعتبر البعض أن إدارة بايدن وضعت شروطاً وضغوطات على مصر في ملفات حقوق الإنسان والإصلاحات السياسية، وهي قضايا قد يرونها محاولة للضغط على السيادة الوطنية المصرية.
كما عانى الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة من تحديات كبيرة، ووجدنا دعم واشنطن لم يكن قوياً كما كان في عهد ترامب، ما أثر سلباً علينا وممارسة ضغوط متواصلة من جانب صندوق النقد والبنك الدولي في منح مصر قروض ومساعدات.
لكل الأسباب التي استعرضناها في هذا المقال، بالإضافة إلى العديد من النقاط الأخرى التي لا يسعنا ذكرها جميعًا هنا، يتضح أن من الضروري تكوين لوبي قبطي قوي وفعال لدعم دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية القادمة. إن هذا الدعم لا يعبر فقط عن تأييد شخصي لترامب بقدر ما هو تحرك استراتيجي لدعم مصالح مصر وأمنها القومي في الساحة الدولية. فقد أثبتت السنوات السابقة أن سياسات الحزب الجمهوري تحت قيادة ترامب كانت داعمة لمصر واستقرارها، ومتفهمة لأولوياتها وتحدياتها، على عكس السياسات الديمقراطية التي تميزت بالتدخلات السلبية والانحيازات التي تهدد استقرار المنطقة.
إن تشكيل لوبي قبطي يشارك بقوة في المشهد السياسي الأمريكي يُعد ضرورة ملحة لضمان تحقيق مصالح مصر الحيوية. فالقوة التصويتية للجالية المصرية في أمريكا، والتي تقدر بين أربعة إلى خمسة ملايين صوت انتخابي، يمكن أن تكون عاملًا حاسمًا في هذا الاستحقاق الانتخابي المهم. ونحن أمام فرصة لدعم رئيس يضع العلاقات مع مصر على قمة أولوياته، ويقدر دور الرئيس السيسي كحليف وصديق. ففوز ترامب سيكون بمثابة انتصار لمصالح مصر وقيم الاستقرار في المنطقة، وضمانًا لمستقبل أكثر تعاونًا بين البلدين.
بذلك، فإن التصويت لصالح ترامب في هذه الانتخابات يُعد خطوة مهمة نحو تحصين مصر من تأثيرات التيارات المعادية التي يمثلها الحزب الديمقراطي، وتدعيم التحالفات التي تعمل لصالح استقرارنا ورفاهيتنا.