انتشرت أمس على الساحة السياسية أصوات بعض “المراهقين السياسيين” الذين أطلقوا شائعات كاذبة بأن مصر تستورد مواد متفجرة لصالح الاحتلال الإسرائيلي لضرب الفلسطينيين. ورغم أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة ولا تستند إلى أي منطق أو دليل ملموس، فإنها وجدت طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نُشرت مئات التدوينات والمنشورات التي تناولت أكاذيب حول مصر، ضاربين عرض الحائط بمواقفنا التاريخية تجاه القضية الفلسطينية.
الملفت هنا أن هذه الفئة، التي تتلاعب بالمشاعر وتوظف الشائعات لخدمة أجندات مشبوهة، لا تختلف في أسلوبها عن “الاحتلال الفارسي” الذي يتفنن في بث الشائعات لتفتيت المجتمع العربي، مستغلةً المنابر الافتراضية كأداة لتأليب الرأي العام ضد الشرق الأوسط بالكامل، وتفكيك العلاقات الدولية في المنطقة، وتشويه صورة الحكومة في نظر شعوبها من جهة أخرى.
ويتضح أن هدف هؤلاء هو إثارة بلبلة داخلية في بلدان الشرق الأوسط تستفيد منها أطراف إقليمية معادية، وقوى عربية وأجنبية ترغب في رؤية مصر ضعيفة، مشوشة، وممزقة.
وفي هذا السياق، جاء الرد الرسمي المصري حاسمًا. فقد أصدر المتحدث العسكري بيانًا قويًا ينفي فيه جملةً وتفصيلًا هذه الادعاءات المغرضة، مؤكدًا أن الجيش المصري لم ولن يكون إلا درعًا حاميًا لهذا الشعب الأبي، متمسكًا بمصالحه الوطنية العليا. فالتاريخ شاهد على مواقف الجيش المصري التي لا تقبل التأويل أو الشك، فهو المؤسسة الصلبة التي تحمي الأمن القومي وتسهر على سلامة أراضي مصر، ولن ينجرف إلى مستنقع الشائعات أو يُجبر على تبرير مواقفه الوطنية لمن لا يدرك ثقلها.
وفي سياق متصل، أصدرت وزارة النقل المصرية بيانًا رسميًا يدحض الشائعات حول سماحها لسفينة ألمانية بالرسو في ميناء الإسكندرية لنقل شحنة إلى جهة غير مصرية. فقد أكدت الوزارة أن السفينة “KATHRIN”، وهي برتغالية وتحمل إدارة ألمانية، جاءت لتفريغ شحنة مخصصة لوزارة الإنتاج الحربي وفق إجراءات قانونية، وأنها طلبت رسميًا مغادرة الميناء باتجاه تركيا لاستكمال مسارها المعتاد.
هذا التوضيح يفند الأكاذيب ويعيد الحقائق إلى نصابها، ويؤكد التزام الدولة المصرية بتأمين احتياجاتها الدفاعية من مواد خام تُستخدم في صناعة الأسلحة المصرية، التي اكتسبت سمعة عالمية بفضل جودتها العالية.
وعلينا أن ندرك جيدًا أن من يتورط في ترويج مثل هذه الأكاذيب هم “المراهقون السياسيون”، الذين يتجاهلون التحقق من الحقائق، بل يسارعون إلى إثارة الفتن والبلبلة، غير مدركين أن نتائج هذه التحركات تصب في مصلحة العدو الإسرائيلي أولاً، الذي يدّعون مهاجمته، بينما يسعون في الواقع لخدمة أهدافه.
ندرك منذ نعومة أظافرنا أن العدو الإسرائيلي لم يتوقف يومًا عن مراقبة مصر ومشاريعها العسكرية، ويحاول يومًا بعد الآخر بث الشائعات لمعرفة المزيد من المعلومات عن خططنا لتعطيلنا، وعلى الجانب الآخر فإن العدو الإيراني يحاول اغتنام الفرص ليخلق مناخًا من الشائعات يسهل له فرض نفوذه وتحقيق أهدافه بالتوسع داخل منطقة الشرق الأوسط.
رسالتنا لهؤلاء “المراهقين السياسيين” هي أن تحركاتهم تخدم أعداء الوطن، وأن نقل الشائعات دون وعي وتروٍ يهدد استقرار البلاد ويفتح الباب على مصراعيه لاختراقات خارجية تمس بأمننا القومي، ولا يصب إلا في مصلحة الأطراف المعادية التي تحاول النيل من قوة مصر ووحدتها.