اجتمع عدد من القساوسة الإنجيليين مع أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب في فعالية انتخابية تتعلق بالإيمان والدين في ولاية جورجيا، حيث قدموا صلوات مليئة بالمحبة والدعوات إلى الله، معربين عن إيمانهم بأن ترامب أُوجد ليكون “محارباً من اجل كلمة الله”. جاءت الكلمات : “نحبك يا يسوع ونحب بلادنا، ونحمدك على خلقك لدونالد ترامب ليكون محاربً لأجل كلمة الله، نحمدك على حمايته، وندعوك بأن تجعله رئيسنا مرة أخرى ليحضر البهجة والقوة والحكمة لرحلتنا”. كان الهدف من هذه الصلوات هو التأكيد على رسالة دعم قوية من القساوسة الإنجيليين الذين يرون في ترامب حاميًا لمبادئ الإيمان المسيحي.
التصويت والحرية الدينية
في مؤتمر انتخابي نظمته “ائتلاف الإيمان والحرية” في العاصمة واشنطن، تحدث ترامب بحماس أمام مئات الحضور، مؤكداً ضرورة مشاركة الإنجيليين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأثار قضية أن “الإنجيليين والمسيحيين لا يصوتون بقدر ما ينبغي”، مضيفاً بنبرة مزاح: “يذهبون إلى الكنيسة كل أحد، لكنهم لا يصوتون. وعلينا التأكد من أنهم يصوتون، هذه المرة فقط”. وأضاف في جملة ساخرة أثارت ضحك الجمهور: “بعد أربع سنوات لستم ملزمين بالتصويت، حسناً؟ بعد أربع سنوات، لا تصوتوا، لا يهمني”.
وأكد ترامب في خطابه عزمه على حماية الحرية الدينية بعد انتخابه، مشيرًا إلى أنه سيظل مدافعاً عن حقوق المسيحيين الذين لعبوا دورًا أساسيًا في نجاحه في انتخابات 2016، حيث إن قاعدة الإنجيليين المحافظين تعتبر أحد أعمدة قوته السياسية التي يسعى لاستقطابها بشكل أكبر في هذه الانتخابات.
الإجهاض والمحكمة العليا
كانت قضية الإجهاض واحدة من أبرز القضايا التي تناولها ترامب، حيث أشاد بأن مسألة الإجهاض أصبحت بيد الولايات بدلاً من الحكومة الفيدرالية بعد تعيين ثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا خلال فترة رئاسته، مما أدى إلى تحقيق “انتصار تاريخي”. وقال: “الشعب سيقرر وهكذا يجب أن تكون الأمور. الشعب يقرر الآن”.
وأضاف أن هذه الخطوة تعكس التوجه الذي يريده العديد من الإنجيليين المحافظين، الذين يسعون إلى فرض قيود على الإجهاض وحظره بشكل كامل على المستوى الوطني. وتعتبر هذه القضية أحد المواضيع الحساسة والمهمة للناخبين الإنجيليين، الذين يعتبرون أن الإجهاض يتنافى مع القيم المسيحية.
حماية المسيحيين
تعهد ترامب بتوفير الحماية للمسيحيين داخل الولايات المتحدة، مؤكدًا أن إدارته ستولي اهتمامًا خاصًا بقضايا التمييز الذي قد يواجهه المسيحيون في المدارس، الجيش، والإدارات الحكومية، وحتى في أماكن العمل والمستشفيات.
وأعلن عن خططه لإنشاء مهمة فدرالية جديدة للتحقيق في “التمييز” و”الاضطهاد” الذي قد يتعرض له المسيحيون في البلاد. وتهدف هذه المهمة، حسب كلماته، إلى “حماية المسيحيين” من أي تمييز قد يطالهم بسبب دينهم، معتبراً أن هذه خطوة ضرورية لضمان العدالة الدينية.
إسكات المسيحيين
وجه ترامب انتقادات لاذعة للحزب الديمقراطي، قائلاً إنهم يسعون إلى “إسكات المسيحيين و”إضعاف معنوياتهم”، مشيراً إلى أن الديمقراطيين لا يريدون من المسيحيين أن يكون لهم دور مؤثر في المجتمع. وتابع خطابه قائلًا: “إنهم لا يريدون أن تصوتوا، ولهذا السبب عليكم أن تصوتوا. إذا صوتم، لا يمكننا أن نخسر”. هذا التصريح قوبل بتصفيق حار من الحشد، الذي بدأ يردد خلفه “صوتوا صوتوا صوتوا”، مما يعكس الرغبة المتزايدة لدى مؤيديه في المشاركة في الانتخابات.
تراجع الدين
أشار ترامب إلى تحديات كبيرة يواجهها الدين في الولايات المتحدة، حيث تُظهر الدراسات أن تأثير الدين آخذ في التراجع. وفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في مارس الماضي، أظهر أن ما يقرب من نصف الأمريكيين (49%) يرون أن تأثير الدين آخذ في التراجع، وأن هذا الانحدار يعتبر مشكلة. تراجع عدد الأمريكيين الذين يعتبرون أنفسهم مسيحيين من حوالي 90% في تسعينيات القرن الماضي إلى أقل من ثلثي السكان في عام 2022، ويرجع ذلك إلى تزايد أعداد الأشخاص غير المنتمين دينيًا. ويمثل هذا التحول الديموغرافي تحديًا كبيرًا للإنجيليين الذين يرغبون في استمرار ارتباط الدين بالحياة العامة والحفاظ على موقعه في المجتمع الأمريكي.
حقوق السلاح
أوضح ترامب أهمية أن يصوت مالكو الأسلحة في الانتخابات المقبلة، قائلاً: “لديكم بندقية. تريدون أن تحتفظوا ببندقيتكم، من الأفضل لكم أن تذهبوا للتصويت”، محذرًا من محاولات السيطرة على حقوقهم المتعلقة بحمل الأسلحة. اعتبر ترامب أن حقوق مالكي الأسلحة باتت “محاصرة”، مؤكدًا أنه في حال انتخابه سيسعى إلى حماية هذه الحقوق من أي تقليص أو تقييد، وهو ما يلقى ترحيباً واسعاً بين شريحة كبيرة من المحافظين الأمريكيين.
قضايا الهجرة
لم تخلُ كلمة ترامب من القضايا الأمنية والسياسية الأخرى، حيث شدد على نيته تنفيذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين في حال فوزه في الانتخابات. وقال: “في اليوم الأول (من ولاية جديدة)، سأطلق أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة”. ووعد بإنشاء “قبة حديدية” ضخمة لحماية البلاد، مشيرًا إلى أن هذه القبة ستكون مشابهة لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المعروف بـ”القبة الحديدية”، وتساءل قائلًا: “إسرائيل لديها واحدة، لماذا لا تكون لدينا واحدة؟”.
انتقادات بايدن
رد فريق حملة الرئيس الحالي جو بايدن على خطاب ترامب، واصفًا إياه بأنه “غير متماسك” و”مفكك”. واتهم الفريق ترامب بعدم التركيز في رسالته السياسية، مشيرين إلى أن تركيزه على الدين، والأسلحة، والهجرة دون تقديم حلول واضحة قد يعكس ضعفًا في برنامجه الانتخابي.
انتخابات 2024
تُعد انتخابات 2024 حاسمة في مستقبل الدين والسياسة في الولايات المتحدة، حيث يواصل ترامب التركيز على جذب القاعدة الإنجيلية المحافظة، وتقديم نفسه كمدافع عن القيم المسيحية وحقوق مالكي الأسلحة. من خلال هذه الاستراتيجية، يسعى ترامب لجعل الدين ليس فقط قضية سياسية ولكن محوراً رئيسياً لسياسات ولايته المقبلة، مستنداً إلى دعم الإنجيليين وحماسهم.