عجيب أمر الحمار المصري الذي تربي وترعرع علي ارض مصر .. طاقه هائله من التحمل والصبر .. يسير بخطي ثابته نحو مصيره المحتوم الذي ارتقي هذه الايام واصبح يحل محل الجاموس والبقر .. لقد نظرت الي تاريخ الحمار المصري منذ نعومة آظافره الي وقتنا الحالي ونظرت الي عيشته البائسه التي لم يجئ آحد في يوم من الأيام محاولا الارتقاء بحاله اويعطيه او يسأله مجرد سؤال ما يجعله اكثر سعاده من ذي قبل.
،
العجيب انني وجدت نفسي آثناء تأملي للواقع الأليم والمرير للحمار المصري الأصيل الذي لم يتجرأ في يوم ان يخذل مستغلوه في إثبات ثباته علي الجهل ووتحمله الاضطهاد وضربات الكرباج الذي مزق جسده واهدر كرامته وصحته ، وظل متفانيا في خدمة أسياده دائم السير في الطريق الذي رسم اليه مستمتعا بتحميله ما لا طاقة به لمخلوق بل ويتحمل غباء من يملكوه بالغصب والقهر والتجويع والحرمان ، فقد اصبح لا يستطيع العيش بدون التحمل وعدم الرفس في وجه من يركبه ويمتطيه ويجلده وفي النهاية يتهم بالغباء ويزاد من عدم الرحمه وقسوة القلب تجاهه ليصبح مرادف الغباء هو اسم الحمار … تعجبت أكثر من أن هذا الحمار عندما ينام وينكسر جبروت مالكه فوق العربه الكارو نجده يسير في نفس الطريق ويبقي سائرا في نفس الطريق ولا يحاول تعديل مساره او الهرب او التمرد .. ان الحمار المصري لم يعد فقد يمتاز بالغباء وولعل الادهي والأمر ان تجده يسير في موكب من ذبح أخوه وسلخه وفي سبيله لذبحه ايضاً .. وبعد ان اكتملت الفكره والتأمل وجدت نفسي أمام تسأول غريب وعجيب وبفهلوة ابن البلد تساءلت هل الشعوب المغلوب علي امرها تتنتهج منهج الحمار القانع الخاضع الخاشع في محراب القهر والظلم والحرمان عديم الحيله نعم هناك تشابه كبير بين طويل الآذنين وبين الاصم الابكم الذي أرتضي ان يصم اذنه ويقطع لسانه تشابه كبير في القدره علي التحمل والسير في نفس الطريق المرسوم .. والتشابه الاكثر بين السوط والكورباج وبين منهج الطغاه في استعباد واستغلال الشعوب وان كانت النظريات الديكتاتوريه آختلفت في الاساليب الا ان الهدف واحد فاستعباد الحمار واستعباد الشعوب وخلق الساده والعبيد منهج وطريق تسير فيه الشعوب مثلما يسير الحمار في طريق العوده فالكل ارتضي عدم التحرر وارتضي الانكسار والانهزام والخضوع .. وكما تركت الحمير آجيال تتوارث الآنكسار والخضوع ايضاً تركت الشعوب آجيال كثيره تربت علي الشكوي ولطم الخدود ولكن بعد التنفيذ وتربت علي الخضوع والآستكانه والتحمل حتي وان كانت تعلم الحقيقه ففي النهاية ” تتخذ الدعاء ملاذ وملجئ تحتمي فيه من خضوعها ” ربنا لا تؤخذنا ان نسينا او أخطائنا ” وتجد آجيال آخري كثيرة اصبحت تبرر الحالة المزرية التي وصلت اليها بآنه” لا فائده ” ” هما عاوزنها كده ” هو احنا هنصلح الكون ” عذراً ايها الحمار فانت مغلوب علي امرك وليس لك خيار اما الشعوب المقهوره فلديها الخيار ولكن اي خيار لا اتحدث هنا عن الخيار الذي فضلوا ان يحملوه علي ظهورهم وارتضو الشكوي والذل والعار .. ايها الحمار المصري يكفيك فخرأ ان اصبحت ايقونة الهام وطريق سليم لكل سالك وباحث عن العدل والعيش والحريه فهو قادر ان تكون مرآه ودليل واقعي وعملي لمنظومة الظلم والقهر والاستعباد فتصوير حياتك لمن يتقن ويمعن النظر ينحت لوحة متداخلة الالون يعلوها اللون الاحمر لتؤرخ الظلم والقهر الانساني في عصور كثيره .. فعذراً ايها الحمار المصري الذي ارتضينا بحالك وبقهرك وظلمك ليس رغبة في ان نري فيك انفسنا ولكن لنرثي حال الشعوب المقهورة فحالها لدي البعض ارحم من حالك يا طويل الآذن.