في خطوة جديدة تفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات تورط جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في علاقات غير معلنة مع المملكة العربية السعودية، طلب رئيس لجنة المالية بمجلس الشيوخ الأمريكي، السناتور الديمقراطي رون وايدن، وعضو بارز في الكونغرس، النائب جيمي راسكين، من وزير العدل الأمريكي، ميريك جارلاند، تعيين مستشار خاص للتحقيق فيما إذا كان كوشنر يعمل كعميل أجنبي غير مسجل لصالح المملكة. استند هذا الطلب إلى تقرير نشرته وكالة رويترز بتاريخ 4 أكتوبر، والذي أشار إلى عدة لقاءات جمعت كوشنر مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ناقشا خلالها مواضيع دبلوماسية أمريكية-سعودية تتعلق بإسرائيل، وذلك بعد أن غادر كوشنر منصبه الرسمي في الحكومة.
تضمنت رسالة وايدن وراسكين، التي امتدت إلى ثماني صفحات، تفاصيل مثيرة للاهتمام، إذ جاء فيها أن هذا التواصل المستمر بين كوشنر والحكومة السعودية يطرح تساؤلات جادة حول تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة وأن كوشنر، الذي شغل سابقًا منصب مستشار رفيع للرئيس ترامب، يبدو أنه يتدخل في القرارات الاستراتيجية عبر علاقات غير رسمية مع السعودية. وجاء في الرسالة: “إن هذا الكشف مزعج للغاية، حيث يبدو أن السيد كوشنر يعمل كمستشار سياسي للحكومة السعودية، بينما يتلقى منهم دعمًا ماليًا كبيرًا في الوقت ذاته”. وهذا الدعم تمثل في استثمار سعودي ضخم بلغ 2 مليار دولار، ضُخَّ في صندوق الأسهم الخاصة “Affinity Partners”، الذي أسسه كوشنر بعد مغادرته للمنصب الرسمي في الحكومة عام 2021، وفقًا لتقارير محققي الكونغرس.
وأشار المشرّعان في رسالتهما إلى أن علاقة كوشنر القريبة من الرئيس السابق ترامب تجعل من الصعب تجاهل إمكانية التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية وتوجيهها بما يخدم مصالحه الشخصية وعلاقاته الخارجية. وقد أثار هذا الطلب ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والقانونية، حيث طالب المشرّعان بتعيين مستشار خاص للتحقيق في القضية لضمان عدم استخدام كوشنر لنفوذه السياسي السابق لتحقيق مكاسب شخصية لصالح طرف أجنبي، مؤكدين على أن الوضع الحالي يتطلب تحقيقًا مستقلاً نظرًا لحساسية العلاقة الوثيقة بين كوشنر وترامب، وتأثيرها المحتمل على السياسة الأمريكية تجاه السعودية.
من جهته، سارع كوشنر للرد على الاتهامات التي طالت سمعته، حيث وصف الرسالة بأنها “حيل سياسية سخيفة” لا تستند إلى أي دليل قاطع، مشيرًا إلى أنه لا يرى تضاربًا في المصالح في علاقاته مع السعودية، واعتبر أن الاتهامات الموجهة له تفتقر إلى الجدية التي ينبغي أن يتمتع بها أعضاء الكونغرس. وأضاف كوشنر أن استثماراته الخاصة لا تتداخل مع أي مسؤوليات رسمية أو سياسية، معتبرًا أن هذه الادعاءات تستهدف التشكيك في نزاهته وتحقيق مكاسب سياسية لا أكثر.
كما دافع تشاد ميزيل، كبير المسؤولين القانونيين في شركة “Affinity Partners”، عن موقف الشركة بشدة، واصفًا الدعوة إلى تعيين مستشار خاص للتحقيق بأنها “محاولة مخزية من قبل وايدن وراسكين لتحويل وزارة العدل إلى أداة سياسية بحتة”، معتبرًا أن هذه الاتهامات تفتقر إلى أي أساس قانوني أو أدلة تدين الشركة أو كوشنر. واعتبر ميزيل أن هذه الخطوة تأتي في إطار حملة سياسية تهدف إلى الإساءة إلى سمعة كوشنر ونفوذه السابق.
أما وزارة العدل الأمريكية، فقد اكتفت بتأكيد استلامها للرسالة دون أن تقدم أي تعليق إضافي، مما يعكس تحفظها المعتاد على مثل هذه القضايا الحساسة التي يمكن أن تثير توترات داخلية ودولية في حال عدم معالجتها بحذر. في الوقت ذاته، لم تصدر السفارة السعودية في واشنطن أي بيان رسمي للرد على هذه الادعاءات أو توضيح موقفها من العلاقات غير الرسمية بين كوشنر وولي العهد السعودي.