في ندوة استضافتها شبكة CNN في ولاية بنسلفانيا الحاسمة للانتخابات الرئاسية، أدارت الإعلامي أندرسون كوبر جلسة حوارية مع المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، حيث واجهت أسئلة من جمهور متنوع يضم ديمقراطيين، جمهوريين ومستقلين لم يقرروا بعد لمن سيصوتون في الانتخابات القادمة. رفض المرشح الجمهوري دونالد ترامب المشاركة في ندوة مماثلة رغم دعوة الشبكة له، ما أتاح لهاريس الفرصة للرد على أسئلة مفتوحة ومعقدة حول سياساتها ومواقفها.
بداية الحوار: الوحدة السياسية والانقسامات
سألت ناتاشا كفياتكوفسكي، طالبة جمهورية مناهضة لترامب، هاريس عن كيفية تحقيق الوحدة في ظل الانقسامات السياسية الحادة. وردت هاريس بحماس قائلة: “سأكون رئيسة لكل الأمريكيين”، مشيرة إلى أن الشعب الأمريكي قد عانى كثيرًا من الاستقطاب، وأنه يستحق قيادة قائمة على المصلحة العامة، وليس الأجندات الشخصية.
ترامب في مرمى الانتقادات: وصفه بالفاشي
خلال الحوار، طرح أندرسون كوبر السؤال الحاسم: “هل تعتقدين أن دونالد ترامب فاشي؟” أجابت هاريس بسرعة وحزم: “نعم”. وأشارت إلى أن العديد من الأشخاص الذين خدموا في إدارته وصفوه بأنه غير لائق وخطير، مؤكدة أن مايك بنس، نائب ترامب السابق، قد رفض الترشح معه مرة أخرى لهذا السبب. كما ذكرت شهادة رئيس موظفي البيت الأبيض السابق، جون كيلي، الذي صرح بأن ترامب أشاد بجنرالات هتلر، ما أثار جدلاً واسعًا.
وأضافت هاريس: “ترامب غير قادر وغير لائق لأن يكون رئيسًا. من هم أقرب الناس إليه حذرونا منه”. وفي سياق حديثها عن سياسات ترامب، أشارت إلى رفضه الحضور للمنتدى قائلة: “كان يجب أن يكون هنا الليلة ليجيب على أسئلتكم، لكنه اختار أن يتجاهلكم”.
حرب غزة: مقتل يحيى السنوار وإمكانية السلام
وفيما يتعلق بحرب غزة، سأل أحد الحاضرين هاريس عن كيفية ضمان عدم استخدام الأموال الأمريكية في قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين. ردت هاريس قائلة إن مقتل زعيم حماس، يحيى السنوار، قد يفتح بابًا لإجراء محادثات سلام محتملة. وأضافت أن على الولايات المتحدة السعي لتحقيق حل الدولتين الذي يضمن حقوق الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في الأمن والكرامة.
سياسات هاريس الاقتصادية: خطط طموحة لخفض التكاليف
عندما طُرحت قضية الاقتصاد، كان السؤال الرئيسي يدور حول كيفية خفض التكاليف التي تثقل كاهل الأمريكيين. هاريس قدمت خطتها لخفض تكاليف المعيشة من خلال فرض حظر وطني على احتكار الشركات للأسعار، مشيرة إلى أنها تعمل مع القطاع الخاص لخلق مزيد من المساكن بأسعار معقولة عبر تقديم حوافز ضريبية وتبسيط اللوائح. وأضافت أن هذه الإجراءات تهدف إلى توفير منازل بأسعار مناسبة للعائلات.
وعندما سألها المذيع عن سبب عدم تنفيذ هذه الإصلاحات خلال فترة عملها كنائبة للرئيس، ردت هاريس بأنها تشير إلى الأمور التي يجب القيام بها، والتي لم تُنجز بعد.
الجدار الحدودي: سخرية من مشروع ترامب
حول موضوع جدار ترامب الحدودي، ضحكت هاريس وهي تقول: “هل تتذكرون عندما قال ترامب إن المكسيك ستدفع ثمن الجدار؟ لم يحدث ذلك أبدًا”. وأضافت أن ترامب بالكاد بنى 2% من الجدار، وأن الصورة التي التقطها كانت بجوار الجزء الذي بناه الرئيس أوباما.
الموقف من إدارة بايدن: قيادة جديدة بخبرات مختلفة
وعند سؤالها عن كيفية اختلاف إدارتها عن إدارة الرئيس بايدن، أكدت هاريس أنها ستقدم قيادة جديدة تجلب أفكارًا وتجارب مختلفة. وقالت إنها تمثل جيلًا جديدًا من القيادة، ما يعكس رؤيتها لأمريكا المستقبلية.
الاعتراف بالأخطاء: المرونة في القيادة
عندما سأل أحد الناخبين هاريس عن أخطائها الشخصية، اعترفت بأنها ارتكبت العديد من الأخطاء، قائلة: “إذا قمت بتربية طفل، فأنت تعرف أنك سترتكب العديد من الأخطاء”. وأضافت أن أهم درس تعلمته هو التأكد من أن تكون دائمًا على دراية جيدة بالقضايا التي تواجهها.
رسالة للناخبين المترددين: دعوة للتفكير في المستقبل
وفي نهاية الندوة، وجه كوبر سؤالًا لهاريس حول رسالتها للناخبين الذين يفكرون في التصويت لحزب ثالث أو البقاء في المنزل بسبب خيبة أملهم من المشهد السياسي الحالي، فردت هاريس بقولها: “لا يمكنني إنكار المشاعر القوية التي يشعر بها الناس تجاه القضايا مثل حرب غزة، لكن في نفس الوقت، يجب أن نتذكر أن هناك تهديدات أخرى تواجهنا كالأمن القومي وأسعار البقالة والتهديدات التي تواجه الديمقراطية الأمريكية”.
خاتمة: تحذير من المستقبل مع ترامب
أنهت هاريس حديثها بتحذير من عودة ترامب للرئاسة، قائلة إنه يسعى للانتقام ويخطط لاستخدام وزارة العدل لملاحقة خصومه السياسيين. وأضافت: “ترامب يتحدث عن الأعداء الداخليين، ويشير إلى الأمريكيين الذين لا يتفقون معه، والصحفيين، وحتى مسؤولي الانتخابات غير الحزبيين. يجب أن نكون حذرين من مستقبل تحت قيادة كهذه”.
في نهاية الندوة، بدا واضحًا أن كامالا هاريس قدمت رؤيتها لأمريكا مستقبلية تقوم على الوحدة، السلام، والسياسات التي تخدم مصلحة المواطنين، في مقابل رفض خصمها ترامب للمشاركة في حوار مباشر مع الناخبين.