عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي لقاء بالرئيس فلاديمير بوتين على هامش قمة البريكس وهو يعكس أهمية الدور الذي تلعبه مصر في السياسة الدولية والاقتصادية، وكذلك عمق العلاقات الثنائية التاريخية بين القاهرة وموسكو.
كانت كلمات بوتين الموجهة إلى الرئيس السيسي مليئة بالتقدير والحب والاحترام، وهو ما يعكس مكانة مصر كحليف رئيسي وموثوق به لروسيا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
الشراكة بين مصر وروسيا
بدأ بوتين حديثه بالإشادة بمشاركة مصر كعضو كامل العضوية في قمة البريكس، وهو ما يعكس الدور المحوري الذي تلعبه مصر في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي ضمن هذا التكتل الدولي الناشئ. هذا التحالف لا يقتصر على العلاقات الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليشمل التعاون السياسي، الدفاعي، والتنموي.
التعاون الاقتصادي والتجاري
تشير تصريحات بوتين إلى أن التبادل التجاري بين البلدين يمثل نحو ثلث إجمالي التجارة بين روسيا والقارة الإفريقية. هذا يعكس الثقل الذي تمثله مصر كجسر تجاري بين روسيا وإفريقيا، كما يوضح أن العلاقات التجارية تتوسع بوتيرة سريعة، حيث نما التبادل التجاري بنسبة 16.4% في عام 2023، مع استمرار هذا النمو في العام الحالي.
المشاريع المشتركة الكبرى
من بين المشاريع الكبرى التي تعزز هذه الشراكة، يأتي مشروع إنشاء أول محطة للطاقة النووية في الضبعة كرمز للتعاون الاستراتيجي العميق. هذا المشروع لا يُعتبر مجرد استثمار اقتصادي، بل يعكس رغبة مصر في التحول إلى دولة قائدة في مجال الطاقة النووية السلمية، بدعم من روسيا. كما أن المنطقة الصناعية الروسية التي تُقام في مصر تُعد خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الصناعي والاستثماري، مما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وتحقيق التنمية المستدامة.
اتفاقية التجارة الحرة
تعد المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوراسي بمثابة محطة أخرى في توسيع نطاق التعاون الاقتصادي. هذه الاتفاقية ستفتح أبوابًا جديدة لزيادة التجارة والاستثمار، مما يساهم في تعزيز التكامل الاقتصادي بين مصر ودول الاتحاد الأوراسي، ويؤكد مكانة مصر كقوة اقتصادية إقليمية.
استمرارية الحوار والدعم الدولي
بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، أكد بوتين على استمرارية الحوار السياسي بين مصر وروسيا، وهو أمر مهم للحفاظ على الاستقرار في المنطقة والتعامل مع القضايا الدولية الملحة. هذا التعاون يتجسد في اللقاءات الثنائية والحوارات المستمرة بين البلدين على مستوى القادة وكبار المسؤولين.
ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية المصري سوتشي في نوفمبر لحضور المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة الروسي الأفريقي، وهو ما يعكس الدور المحوري الذي تلعبه مصر في تعزيز التعاون بين روسيا وإفريقيا، ويبرز مدى التفاعل الإيجابي بين البلدين على الساحة الدولية.
التعاون وبناء جسور المستقبل
بوتين لم يغفل الحديث عن التعاون في مجال التعليم والثقافة، حيث أعلن عن تخصيص 318 منحة دراسية للطلاب المصريين في العام الدراسي 2024-2025. هذا العدد الكبير من المنح يعكس رغبة روسيا في بناء جسور طويلة الأمد مع مصر، من خلال الاستثمار في الأجيال القادمة وتوفير فرص التعليم والتدريب للشباب المصري في الجامعات والمؤسسات الروسية.
التوافق حول القضايا العالمية
أحد أبرز النقاط التي تطرق إليها بوتين هو التوافق بين مصر وروسيا حول العديد من القضايا الدولية الملحة. هذا التوافق يعكس مدى تفاعل البلدين في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، حيث يعملان معًا لحل التحديات العالمية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية. وتلك العلاقة ليست فقط مبنية على المصالح المشتركة، بل هي تجسيد للتعاون المستمر بين مصر وروسيا على الساحة العالمية.
الرؤية المستقبلية للعلاقات المصرية الروسية
كلمة بوتين تعكس تفاؤلًا كبيرًا بمستقبل العلاقات المصرية الروسية. فالتعاون التجاري والاقتصادي ينمو بوتيرة سريعة، والمشاريع الكبرى بين البلدين تتوسع، وهناك حوار سياسي دائم ومستمر، إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات التعليم والثقافة. كل هذه العوامل تؤكد أن العلاقة بين مصر وروسيا ليست فقط علاقة ثنائية، بل هي شراكة استراتيجية تسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية على مستوى إقليمي ودولي.
لقاء يحمل رسائل القوة
كلمات بوتين التي اختتم بها اللقاء “أنا سعيد جدا أن أشوفكم يا صديقي العزيز” تعكس الدفء الشخصي والاحترام الكبير الذي يحمله تجاه الرئيس السيسي. هذا اللقاء يعكس مستوى العلاقات الشخصية الجيدة بين الزعيمين، وهو ما يعزز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة.
مصر وروسيا، من خلال هذه اللقاءات، تثبتان أن التعاون الاستراتيجي العميق والمستمر بينهما يُعد ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم، وأنهما ماضيتان نحو تعزيز هذه الشراكة لمواجهة التحديات الدولية وتحقيق المصالح المشتركة للشعبين.