في إطار التوسع في التعاون الدولي وتعزيز العلاقات الثنائية، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش قمة البريكس. وخلال اللقاء، أكد بوتين أهمية العلاقات التاريخية بين البلدين، مشيرًا إلى عمق الروابط التي تربط مصر وروسيا، والتي تعود لعقود طويلة، حيث احتفل البلدان العام الماضي بالذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
إشادة بالمشاركة المصرية في قمة البريكس
استهل الرئيس الروسي كلمته بالترحيب بمشاركة مصر كعضو كامل العضوية في مجموعة البريكس، مؤكدًا أن هذه المشاركة تتماشى مع رئاسة روسيا للقمة هذا العام. وأوضح بوتين أن مصر تعتبر شريكًا موثوقًا به لروسيا منذ فترة طويلة، وهو ما يُعزز العلاقات الودية بين البلدين. هذا التعاون المستمر بين موسكو والقاهرة ينعكس في عدد من المشاريع المشتركة والمبادرات الاقتصادية التي تُظهر نموًا مطردًا على مختلف الأصعدة.
الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي
تستند العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا إلى “اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي”، وهي الاتفاقية التي مهدت الطريق لتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية. وأشار بوتين إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يمثل حوالي ثلث إجمالي التبادل التجاري لروسيا مع إفريقيا، مما يعكس قوة الشراكة الاقتصادية بين الجانبين. ففي عام 2023، بلغ نمو التبادل التجاري بين البلدين 16.4%، مع توقع استمرار هذا النمو بوتيرة أسرع خلال العام الجاري.
المشروعات المشتركة الكبرى
أكد الرئيس الروسي خلال اللقاء على استمرار تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة الكبرى بين مصر وروسيا، أبرزها مشروع إنشاء أول محطة للطاقة النووية في مدينة الضبعة. هذا المشروع يُعتبر من بين أكبر المشاريع الاستراتيجية التي تعزز التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية. بالإضافة إلى ذلك، يُعد إقامة المنطقة الصناعية الروسية في مصر مشروعًا رئيسيًا يعكس تطور التعاون الصناعي بين البلدين.
وفي سياق آخر، أشار بوتين إلى العمل الجاري لإعداد اتفاقية تجارة حرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. هذه الاتفاقية ستفتح آفاقًا أوسع للتبادل التجاري والاستثماري بين مصر ودول الاتحاد الأوراسي، مما يعزز من دور مصر كجسر اقتصادي بين إفريقيا وأوروبا وآسيا.
الحوار السياسي المستمر
علاوة على التعاون الاقتصادي، أكد الرئيس بوتين على أهمية الحوار السياسي المنتظم بين البلدين، سواء عبر اللقاءات الثنائية أو من خلال المنصات الدولية المتعددة. وأعلن بوتين أنه يتطلع لاستقبال وزير الخارجية المصري في مدينة سوتشي يومي 9-10 نوفمبر المقبل لحضور المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة الروسي الأفريقي. هذا المنتدى يمثل فرصة لتعزيز العلاقات الأفريقية الروسية على مستوى أوسع، وتوطيد الشراكات مع دول القارة السمراء.
التعاون البرلماني والتعليم
بالإضافة إلى التعاون السياسي والاقتصادي، شدد الرئيس الروسي على أهمية تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين. ويُعنى الجانبان بتوسيع التعاون في مجالات التعليم والتبادل العلمي. وفي هذا الإطار، أعلنت روسيا عن تخصيص 318 منحة دراسية للطلاب المصريين للعام الدراسي 2024-2025، في خطوة تعكس التزام موسكو بتعزيز العلاقات الثقافية والعلمية مع مصر.
التعاون الدولي ومواجهة التحديات العالمية
وفيما يتعلق بالتعاون على الساحة الدولية، أشار بوتين إلى أن مصر وروسيا تتشاركان توجهات مشتركة في التعامل مع العديد من التحديات العالمية الملحة. وقد أعرب الرئيس الروسي عن تقدير بلاده لتفاعل مصر الإيجابي في إطار الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، مشيرًا إلى أن البلدين يعملان جنبًا إلى جنب لحل القضايا الدولية المعقدة.
خاتمة اللقاء
اختتم بوتين اللقاء بالتأكيد على سعادته برؤية الرئيس السيسي، مؤكدًا أهمية تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المستمر بين البلدين. كما عبر عن تطلعه للمزيد من المناقشات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو في إطار قمة البريكس، التي تتطلع روسيا من خلالها إلى تعزيز دورها العالمي في ظل الشراكات الدولية المتنامية.
يعد هذا اللقاء خطوة إضافية في تعزيز التعاون بين مصر وروسيا، ويؤكد عمق العلاقات الثنائية التي تمتد لأكثر من ثمانية عقود. هذه الشراكة الاستراتيجية تستند إلى مصالح مشتركة وتعاون بناء في مختلف المجالات، مما يعزز مكانة البلدين على الساحة الدولية، ويُمهّد لمستقبل أكثر إشراقًا للعلاقات المصرية الروسية.