اكد اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة السابق، أن اغتيال يحيى السنوار، رئيس حركة حماس، لم يكن هدفاً كبير كما يروج الإعلام الإسرائيلي. والعملية اثبتت فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحرب الجارية ضد غزة ولبنان.
وأوضح رشاد الذي ترأس الملف الإسرائيلي داخل المخابرات العامه لعقد من الزمان، أن هذا الاغتيال جاء بالصدفة خلال عملية مسح روتينية قامت بها فرقة مشاة إسرائيلية في منطقة جباليا بقطاع غزة. حيث لفت انتباه الجنود وجود ثلاثة مسلحين يتحركون بحرية داخل ثلاثة منازل شبه مدمرة، مما دفعهم للتعامل مع الموقف وقتل السنوار ومن معه دون أن يكون هناك أي متابعة استخباراتية من الشاباك أو الموساد.
شدد رشاد على أن نتنياهو يدرك تمامًا صعوبة القضاء على فكرة أو حركة مثل حماس أو حزب الله. وهو يسعى في الأساس إلى البقاء في السلطة، وتأجيل محاكمته في عدة قضايا تواجهه في الداخل. وعلى الرغم من مضي عام على بدء العمليات العسكرية، لم يتمكن نتنياهو من تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل في القضاء على حماس أو استعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
موكدا ان حركة حماس مستمرة في تنفيذ عملياتها في غزة، حيث كان آخرها اغتيال قائد لواء 401، إحسان دقسة، وإصابة اثنين من مساعديه، وهو ما يؤكد صعوبة العمليات العسكرية على الأرض وصعوبة القضاء على الحركة مهما كانت السيطرة الميدانية.
أوضح رشاد أن مقتل قائد من قادة حماس أو حزب الله لا يعني نهاية الحركة، بل على العكس، هذه الحركات تعتمد على هيكل قيادي مرن، حيث يتولى المسؤولية بسرعة أحد القيادات المتسللة حال شغور أي منصب قيادي، وهذا ما يجعل من الصعب القضاء على حركات مثل حماس وحزب الله. هذه الحركات ليست فقط مجرد مجموعات مسلحة، بل هي تمثل فكرة، والقضاء على الفكرة يتطلب أكثر من عمليات عسكرية.
وحول الوضع في لبنان، لفت رشاد إلى أن هدف إسرائيل المتمثل في إعادة حزب الله إلى ما بعد الليطاني هو هدف بعيد المنال بسبب تعقيد الأوضاع في الجنوب اللبناني. أي تقدم إسرائيلي نحو الليطاني يواجه عقبة كبيرة، حيث لا يمكن للقوات الإسرائيلية أن تستقر في أي مساحة من الجنوب اللبناني دون تكبد خسائر فادحة. وحتى في حال الوصول إلى نهر الليطاني، فإن هذا لن يضمن أمن المستوطنات الإسرائيلية في الشمال، حيث أن صواريخ حزب الله تصل إلى أبعد نقاط في العمق الإسرائيلي.
كما أشار رشاد إلى أن ما تروج له القيادات الإسرائيلية في الساعات الأخيرة حول الانتقال من مرحلة “الانتصار” إلى مرحلة “تدمير حزب الله بشكل نهائي” هو وهم بعيد عن الواقع. فحزب الله، مثل حماس، ليس مجرد جماعة مسلحة بل هو حركة شعبية تحمل فكرة، والقضاء عليها يتطلب تغييرًا جوهريًا في استراتيجيات التعامل العسكري والسياسي، وهو ما لم تتمكن إسرائيل من تحقيقه حتى الآن.
بهذا التحليل، يقدم اللواء محمد رشاد رؤية عميقة لفهم التحديات التي تواجهها المنطقة في صراع إسرائيل مع حماس وحزب الله، ويشير إلى أن الهدف الحقيقي وراء تصعيد نتنياهو هو الحفاظ على سلطته الشخصية ومحاولة تأجيل المحاكمات التي تهدده، فيما تبقى العمليات العسكرية غير قادرة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية في القضاء على هذه الحركات.